الملحق الثقافي_سامر منصور:
نظرتُ بين قطرتي مطر
فوجدتُ كلَّ الأرضِ
كلَّ السنابلِ والزهَر
نظرتُ بين جفني
وردةٍ نعسة
فوجدتُ نبيذاً
يكفي ليثملَ الكون
وللمرة الأولى
سمعتُ المطر
تأملتُ بين دفتي كتاب..
فانبثت أسراب السحاب
كأساور..
تفصلني عن ذلك النهر الذي
التبس عنده النورس بالغراب..
انبثت أسرابُ السحابِ
وتشققت الأرضُ كلَّ الأرض
حولي ظمئاً..
تداعى عالمي
وانسكبت عليَّ
عوالمٌ شتى
غسلتني من نفسي
وجرفتني إلى قرارٍ مكينٍ
وأنا الذي كنت أغرق
في اضمحلالي وأنا أطفو
كفقاعةٍ
تدحرجها الرياحُ
فوق ذلك النهرِ الذي
لا يعرف منبعهُ
فوق النهر الذي
نسي حلمهُ بالبحر
كفقاعةٍ تدحرجني الرياحُ
فوق ذلك النهر
الذي لوث كلِّ شيءٍ
وهو يبحثُ عن ضفتيه!
نظرتُ في تجاويف الناي
فرأيتُ مُقلاً للسماء..
نظرتُ في حبةِ ندى
نظرتُ في حبة ندى..
فوجدتُ الأرض تغني
قبل أن تجلس المدينةُ
في حنجرتها
وجدت الأرضَ تغني
نغماً دائرياً
يبددُ كلَّ ظلام ِالكون
سأرحلُ.. سأرحلُ..
إلى تجاويفِ الناي..
ريثما تخلقُ تلك الصدور
التي تعرف كيف تُسرج
أنفاسها للنور
ريثما تخلق تلك الشفاه
التي تعانق الناي
تلك الشفاهُ التي
تعرفُ كيف تعزفني
سأرحلُ إلى دوامةٍ بيضاء
في وردةٍ
ريثما تأتي
تلك العابرة ُ للكون..
تلك النسمة..
لتحملني إلى قدري
لنتحدَ في نجمة
سأتوارى
تحت جلد البحر
تحت خالٍ أبيضَ
هو صورة البدر
بين لونٍ أزرقَ
هو همسُ الشمسِ للماء
هو همسُ الشمس ِ
هو الندى، للزهرِ بكاء
الزهر يبكي
لأنه اضطر لحمل الأشواك
والليلُ كلُّ الليلِ يبكي
فنحن، حين تنطفئُ الأرض البهية
الحياةُ يا إخوتي
هي كوب شايٍ
وموقد حطبٍ
في ليالي الشتاء الدجيةَ
هي انعكاس الأرز الوارف
في أعين أطفالنا العسلية
هي قبلة الجدة
على جبين حفيدتها الشقية
هي عبدٌ يصغي
إلى صوت انكسار السلاسل
هي أقدامهُ
تقبلها السنابل
وهو يعدو فرحاً
بالحرية
الحياة
هي حين أحدودبُ
– وأنا العابرُ – خجلاً..
أمام سيِّدِ الأزلية
أنا.. مَن أنا؟!
ليصبَّ فيَّ كلُّ المكان ِ
كلُّ الزمان ِ
لأشدو هاهنا؟!!
أنا من أنا؟!
..لمَ الآن؟! لمَ هنا؟! لمَ أنا؟!
لمَ حول كلَّ ما حولي، أنا؟
لمَ حولَ كلَّ ما حولي، أنا!
التاريخ: الاثنين12-2-2019
رقم العدد : 16907