مما لا شك فيه أن اتفاق «بريكست» وما أحدثه من فوضى في المشهد السياسي البريطاني لم يكن حدثاً عابراً في تاريخ المملكة المتحدة الحديث, فمنذ إجرائها استفتاء للخروج من الاتحاد الأوروبي في حزيران 2016، وبريطانيا تشهد أزمة مستمرة أربكت حسابات البريطانيين وأدخلت البلاد في دوامة من عدم الاستقرار والانقسام, وبات الـ «بريكست» سيفاً مسلطاً على عنق رئيسة الوزراء تيريزا ماي يهدد مستقبلها السياسي ومستقبل حكومتها, بعد رحلة طويلة وشاقة خاضتها ماي منذ ذلك الحين وسط ضغوط متزايدة حتى من داخل حزبها وتفكك يهدد حكومتها بعد مسلسل الاستقالات المتكرر، والتهديد بحجب الثقة والإطاحة بها أكثر من مرة, تلك الضغوط أجبرت ماي لتعلن أنها لن تترشح للانتخابات المقبلة في عام 2022، ولن تقود حزب المحافظين في ذلك الموعد, واليوم هناك أنباء من داخل حكومتها عن نيتها الاستقالة طواعية من منصبها الصيف القادم, بعد الانتهاء من ملف « بريكست «.
حيث كشفت صحيفة «ذا صن» البريطانية أن رئيسة الوزراء تيريزا ماي تعتزم الاستقالة من منصبها الصيف القادم, في محاولة منها لمنع عدوها القديم بوريس جونسون من الوصول إلى هذا المنصب.
وقالت الصحيفة في عددها الصادر أمس إن ماي تسعى من خلال هذا التوجه لأن تكون قادرة على التأثير في خليفتها في منصب رئاسة الحكومة في انتخابات العاشر من تشرين الثاني القادم, وذلك نقلاً عن وزيرين في حكومة ماي ومقربين لها, وهما وزير التجارة الدولية ليام فوكس, ووزير الأعمال كريغ كلارك.
ووفقا للصحيفة, فإن الوزراء توصلوا إلى هذا الاستنتاج من تلميحات تفوهت بها تيريزا ماي شخصياً.
وقال ليام فوكس إنه واثق من أن ماي ستتقاعد هذا الصيف, إن كل كلماتها تشير إلى ذلك, لكنها تنتظر أن يحل محلها الشخص المناسب لها، حيث لن يكون لديها الحق في التصويت أثناء طرح الثقة بها.
فيما أشار وزير شؤون الأعمال كلارك إلى أنه يتوقع أن تترك ماي منصبها طواعية هذا العام.
وحسب الخطة فإن ماي سوف تحدد موعداً زمنياً لسباق جديد على رئاسة حزب المحافظين ينتهي مع حلول مؤتمر الحزب السنوي في تشرين الأول القادم.
وتعتقد ماي أن رحيلها في وقت هي تختاره وفي موقف قوة نسبيا بالنسبة لها, فإنها ستمتلك سلطة وتأثيراً على من سيكون رئيساً لحزب المحافظين.
وسينظر إلى خطوة ماي في حال أقدمت عليها كمحاولة لردع بوريس جونسون عدوها القديم الذي يسعى إلى صفقة مستقبلية تجارية مختلفة مع الاتحاد الأوروبي, وعلاقات أقل مع بروكسل.
وقال عضو بارز في حزب المحافظين إن ماي تريد ضمان وصول الشخص المناسب ليكون في منصب رئاسة الوزراء, ولتفادي خسارة أي سلطة أو تأثير في حال أجبرت على الاستقالة.
وسبق أن أجهضت ماي محاولة خصومها لإجبارها على الاستقالة في كانون الأول الماضي, وأجبرت لاحقاً الإعلان أنها لن تشارك في الانتخابات العامة المزمع إجراوءها في العام 2022 كزعيمة لحزب المحافظين, ما يعني أن عليها أن تفسح المجال لخليفة لها قبل العام.
وكانت ماي طلبت من النواب البريطانيين منحها مزيداً من الوقت لتعديل اتفاق بريكست الذي توصلت إليه مع بروكسل.
وكالات – الثورة:
التاريخ: الأربعاء 13-2-2019
الرقم: 16908