مع أهمية الوثيقة الوطنية لسورية ما بعد الحرب والتي سترسم معالم خريطة الطريق للاقتصاد السوري، إلا أن البعض يعتبر ما جاء فيها مجرد خطة مكتوبة على الورق تحتاج لبرنامج عمل متكامل وفق آليات تنفيذ ممكنة تتوافق والمعطيات الحالية والمستجدة، بل يذهب البعض الآخر إلى ضرورة التركيز في المرحلة الحالية على تأمين المتطلبات الأساسية للمواطن في ظل أزمات معيشية خانقة بالتوازي مع التفكير الاستراتيجي لخطط وبرامج مستقبلية.
المهم بتلك الوثيقة مشاركة كل مكونات المجتمع السوري الذي سيحدد احتياجاته ومتطلباته وفق قدرة الاقتصاد على النمو والصمود والتعافي لمرحلة إعادة الإعمار المنتظرة والتي تتطلب أيضاً قطع أشواط كبيرة في العمل وتأمين التمويل اللازم بجهود وطنية.
لا شك أن تحديد هوية الاقتصاد للمرحلة القادمة أهم ما تحتاجه تلك الوثيقة خاصة مع بلد يعاني حرباً اقتصادية، لذلك نحن بحاجة إلى أسلوب مختلف بالخطط الاقتصادية وتحديداً المتعلقة منها باقتصاد السوق، نتيجة العقوبات الاقتصادية التي فرضت علينا وبدأت آثارها بشكل واضح على المستوى المعيشي للمواطن.
وفي الحالة السورية لا بد من التركيز على عدة عوامل منها النمو الشامل وديمومته، وعدم تعرضه للانتكاس إضافة إلى التمكين الاقتصادي في كافة القطاعات عبر توفير فرص الاستثمار والعمل المتساوية للجميع، مع سياسات تمكينية تكون أفضل من سياسات الدعم المباشر.
ويبدو أن الحكومة قد أيقنت ذلك تماماً عبر دعم قطاع الأعمال وتحديداً المشاريع الصغيرة والمتوسطة من خلال وضع آليات للنهوض بهذا القطاع الرائد والمتكامل مع كافة القطاعات الأخرى التي تحقق بالنهاية تنمية شاملة وهذا ما نراه حالياً من خلال الانطلاقة الحقيقية لتلك المشاريع ولا سيما الريفية منها والتي من شأنها تحقيق تمكين للأسرة في المناطق الريفية.
المنعطفات الكبرى تحتاج إلى قرارات كبرى توازيها، بل وتتقدم عليها، فالشدائد تتطلب إجراءات خاصة للخروج منها من خلال خلية لصنع القرار الاقتصادي السليم الذي يلبي حاجاتنا الاقتصادية الملحة ذات الأولوية من خلال حزمة قرارات تتعامل مع الواقع واليوم والغد، وهو ما يمكن أن يساعد بالنتيجة للوصول إلى قرارات اقتصادية صحيحة تماماً.
ميساء العلي
التاريخ: الأربعاء 13-2-2019
الرقم: 16908