ثورة اون لاين – علي نصر الله
انتهى مؤتمر وارسو إلى ما يُشبه الصفر، ذلك أنه فشل بتحقيق أيّ نتائج تُذكر مما كان يُعلق عليه مَن حَشد له بعد أن اعتقدَ أنه سيَجعل منه نقطة فارقة في التاريخ وليس فقط بتاريخ المنطقة!.
لا بيانات مشتركة، ولا ختامية، سوى ما قاله وزير الخارجية الأميركي في مؤتمره الصحفي، من أنّ أحداً بين المشاركين لم يُدافع عن إيران، ومن أنّ اجتماع العرب والإسرائيليين في غرفة واحدة شكَّلَ يوماً تاريخياً!.
نائب الرئيس الأميركي الذي دعا أوروبا للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني وعزل طهران، كانت دعوته التعبيرَ الأبرز عن الخيبة، ليس لأن ردود الفعل الرافضة لم تتأخر، بل لأن الاضطرار الأميركي لتوجيهها عبر مؤتمر وارسو يَعني أن واشنطن تُخرج الطلقة الأخيرة من جعبتها وتَستخدمها مع الشركاء أو من يُفترض أنهم حلفاء!.
هل كان مايك بومبيو يبحث في المؤتمر عن مُدافعين أو أصدقاء لإيران، وعندما لم يَجد أحداً بين المشاركين الذين دعاهم لتَظهير العداء، ولمُحاولة تشكيل جبهة ضدها، قبضَ على إنجاز كبير وظَهَّره؟ أم أنه لم يَجد ما يُداري به خيبته سوى الكلام الفارغ الذي يَنطبق أيضاً على ما وصفه باليوم التاريخي الذي اجتمع فيه عرب وإسرائيليون؟!.
اجتماعُ نتنياهو مع الأعراب وسواهم من المشاركين تحت الخيمة الأميركية، تَكرر مراراً في السر والعلن ومنذ سنوات طويلة، فما هو الأمر التاريخي الذي يَبتهج له بومبيو، ويَحتفل به؟.
عناوينُ الخيبة في وارسو كثيرة ومُتعددة، اعترف بها الأميركي وكل المشاركين أو بعضهم، أم لم يعترف فإن شيئاً لن يتغير سوى أن المجموع سيَجد نفسه بحاجة لحركة أخرى يَشد بها أطراف محور الشر، ويُلملم بها شتات معسكر العدوان ومجموعة الأدوات التابعة والرخيصة!.
إسقاطُ الاتفاق النووي بتحريض بعض الأطراف الغربية على الخروج منه لتَفك واشنطن عُزلتها، لم يَحصل. التحشيدُ للحرب ضد طهران، حصل، لكنه لا يبدو أنه سيَحصد أي نتائج عملية. مُحاولة تَظهير التأييد لصفقة القرن تَمهيداً لوضعها بالتنفيذ، لم يَتحقق منها ما يَستحق الذكر والإضافة. أما إذا كان من بين الأهداف تَلميع صورة نتنياهو وإنقاذه من أزمته الداخلية، فإن مُجتمع قطعان المستوطنين سيَكشف قريباً نجاح أو فشل المُحاولة!.
فارغٌ هو مؤتمر وارسو إلا من الخيبات التي ستُلاحق أصحاب الفكرة والمُشاركين فتُضاعف ربما أزماتهم على كل الجبهات، وقد صار واضحاً أنّ مُحاولات الهروب إلى الأمام باجترار مُخططات العدوان، مُحاولات يائسة مَحكومة بالفشل، ذلك أن آثار الهزيمة المُدوية لحلف العدوان ضد سورية ومحور المقاومة، لن تَبقى محلية إقليمية، هي دولية بامتياز، وسيَترتب عليها الكثير الذي لن يَنجح المايسترو الأميركي بالتملص منه، أو بإنكار استحقاقات انتصار سورية مع أصدقائها وحلفائها.