مــــؤتمـــــر الحــــــرب فـــــــي وارســـــو!!

تحت ذريعة مكافحة (التهديد الايراني) التطبيع مع اسرائيل يسري بين العواصم العربية بشكل علني والتحرك بهذا الاتجاه أكده مؤتمروارسو، فرسمياً تم تنظيم انعقاد المؤتمر بعصا أميركية وهدف مزعوم (السلام والأمن في الشرق الأوسط) وهذا عنوان فضفاض بقدر ما هو كبير ولم تخفق واشنطن بتحقيق هدفها النهائي وهو اتهام ايران مثلما أجبرت الدول الأوروبية على الانسحاب من الاتفاق النووي مع طهران.
اعادة قولبة كل الشرق الأوسط في شكل جديد وازاحة بل اخفاء القضية الفلسطينية بطريقة أو بأخرى وتعميد تحالف جديد بين اسرائيل والدول العربية بدءاً من السعودية، هذا ماجاء من أجله نتنياهو الى المؤتمر وأعلن أن المصلحة المشتركة بينه وبين العرب المجتمعين هي الحرب ضد ايران، لكن بعد أن وصفت وسائل اعلام كثيرة تصريحه بالحماقة تم تغيير كلمة حرب بـ (الكفاح ضد ايران) .
نتنياهو الذي تحدث بوضوح بما يناسب مصالحه السياسية حيث سيواجه انتخابات خلال شهرين بعد فضائح فساد كبيرة كان مبتهجاً بالتهديدات الأميريبكية ضد ايران ويعلم أن الهدف الآخر بالطبع هو الرغبة الأميركية بالإجهاز على القضية الفلسطينية وكان السرور يطفو على وجهه حين التقى في ذات المساء على طاولة عشاء جمعته مع المسؤولين العرب، فاستطاع بذلك أن يتصور بل يرى أمامه (الأخوة العرب) وقد تخلوا تماماً عن القضية الفلسطينية وعن الشعب الفلسطيني، مندفعين تحت ذريعة التهديد الإيراني الى التطبيع مع اسرائيل وسيذهبون حتى إنكار القضية لا بل تمزيق (الخطة العربية) عام 2002 التي تقترح التطبيع مع تل أبيب شرط أن تقوم دولة فلسطينية ضمن حدود 1967 والقدس الشرقية عاصمة لها.
لم يأت الفلسطينيون الى هذا المؤتمر فهم يدركون الى ماذا ستؤول الأمور وكانوا أوقفوا علاقاتهم مع الولايات المتحدة منذ أن اعترفت بالقدس الشرقية عاصمة لإسرائيل، لكن أي بلد عربي اعترض على اغلاق مكاتب منظمة التحرير في الولايات المتحدة وأي بلد عربي أدان قطع الاعتمادات الاميركية عن منظمة الأونروا لمعونات اللاجئين الفلسطينيين وأي بلد عربي اتخذ اجراءات انتقامية لحماية القدس ؟ .
(إنكار للحق الفلسطيني بطريقة ممنهجة وانحياز كامل للحكومة الاسرائيلية وحكومة ترامب) ضمن هذا السياق اندرج مؤتمر وارسو واعلان جاريد كوشنير صهر ترامب بعض النقاط حول (صفقة القرن) لم تكن عارضة، فالخطة توضع في مكانها بهدوء وطوعاً بالنسبة للدول التي تتعاون دون ضجيج .
اسرائيل وسلطنات الخليج التي اجتمعت في وارسو تشكلان الدعامتين لمحور ضد ايران أسسته حكومة ترامب، أما محاولات المسؤولين الأميركيين والبولونيين اخفاء الهدف الحقيقي للمؤتمر بالحديث عن (السلام والأمن) كانت مثيرة للسخرية، فقد ألحوا على أن الاجتماع يخص ما تواجهه المنطقة من مشاكل الارهاب والحرب لكن من الواضح أن ايران كانت هي الهدف.
نائب الرئيس الأميركي مايك بنس أطلق وعظاً بتهذيب الأخلاق يدين فيه ايران لأنها ستفتح ممراً مهماً عبر العراق الى سورية ولبنان ، بنس رقن خطابه بشواهد توراتية أكد فيها أن الايمان والله سيحملان السلام الى الشرق الأوسط ووصف ايران بأنها (التي تزرع الشر والفتنة في المنطقة وترعى الارهاب) .
كذب وقح وصفاقة من حكومة استثمرت مليارات الدولارات في تمويل حروب الارهاب التي أوكلتها الى فصائل القاعدة في سعي منها لتغيير الأنظمة في بلدان عربية، وفي الوقت الذي كان يعقد فيه المؤتمر وقع تفجير ارهابي في ايران أودى بحياة 27 شخصاً من الحرس الثوري الإيراني قام بتنفيذه مجموعة من القاعدة ومن السعودية الحليف الأساسي لواشنطن وفيما يخص (الدولة التي تزرع الشر) هل يتجرأ أحد على القول إن واشنطن هي التي قادت خلال ربع قرن حروباً لا حدود لها في المنطقة دمرت مجتمعات بأكملها وخلفت ملايين القتلى والمشوهين واللاجئين . وكان العنصر الأكثر نشازاً في خطاب بنس قد استهدف الحلفاء القدامى لواشنطن من داخل الناتو الذين لم يحترموا خط واشنطن بشأن ايران بأن يحتذوا حذو واشنطن، وفيما عدا بريطانيا لم ترسل أي دولة أوروبية ممثلاً عنها رفيع المستوى الى وراسو الذي يعد بحق تجمعاً لإعلان الحرب ضد ايران وعرابه أميركا التي لم تصفح يوماً عن جموع العمال الإيرانيين الذين قاموا بثورتهم عام 1979 ضد الشاه الذي كانت تدعمه الولايات الأميركية إذ كان محوراً للسيطرة الأميركية في المنطقة .
إن دعم وراسو لهذا التجمع ضد ايران يعود الى رغبة حكومة اليمين فيها بتأمين قاعدة عسكرية أميركية في بولونيا ضد أي تهديد مزعوم من روسيا وكان الرئيس البولوني كان قد طالب بذلك خلال مؤتمر صحفي له في البيت الأبيض في أيلول الماضي كما أن سعي واشنطن اليوم لتنصيب الأنظمة اليمينية في (أوروبا الجديدة) ضد حلفائها في (أوروبا العجوز) مرتبط ليس فقط بالحرب على ايران إنما أيضاً بالتحضير لحرب عالمية جديدة، فهذه الإمبريالية الأميركية عازمة على تأكيد هيمنتها على ايران والشرق الأوسط وآسيا الوسطى وفنزويلا لكي تحكم سيطرتها دون منازع على جميع احتياطات الطاقة العالمية .
مؤتمر وراسو رغم مظاهره المثيرة للسخرية وبيانه المضحك له مضمون خطير جداً يشكل نقطة تقاطع في الدفع نحو حرب عالمية ثالثة بين القوى النووية في العالم .
ترجمة مها محفوض محمد
صحيفة لومانيتيه
التاريخ: الأحد 17-2-2019
رقم العدد : 16911

آخر الأخبار
حركة تسوق نشطة في أسواق السويداء وانخفاض بأسعار السلع معوقات تواجه الواقع التربوي والتعليمي في السلمية وريفها افتتاح مخبز الكرامة 2 باللاذقية بطاقة إنتاجية تصل لعشرة أطنان يومياً قوانين التغيير.. هل تعزز جودة الحياة بالرضا والاستقرار..؟ المنتجات منتهية الصلاحية تحت المجهر... والمطالبة برقابة صارمة على الواردات الصين تدخل الاستثمار الصناعي في سوريا عبر عدرا وحسياء منغصات تعكر فرحة الأطفال والأهل بالعيد تسويق 564 طن قمح في درعا أردوغان: ستنعم سوريا بالسلام الدائم بدعم من الدول الشقيقة تعزيز معرفة ومهارات ٤٠٠ جامعي بالأمن السيبراني ضيافة العيد خجولة.. تجاوزات تشهدها الأسواق.. وحلويات البسطات أكثر رأفة عيد الأضحى في فرنسا.. عيد النصر السوري قراءة حقوقية في التدخل الإسرائيلي في سوريا ما بعد الأسد ومسؤولية الحكومة الانتقالية "الثورة" تشارك "حماية المستهلك" في جولة على أسواق دمشق مخالفات سعرية وحركة بيع خفيفة  تسوق محدود عشية العيد بحلب.. إقبال على الضيافة وتراجع في الألبسة منع الدراجات النارية بحلب.. يثير جدلاً بين مؤيد ومعارض! توزيع مستلزمات لإيواء 350 أسرة عائدة إلى القنيطرة١ أهالي حلب يستعيدون الأمل.. بدء منح رخص الترميم وإحياء الأبنية المتضررة روادها من مختلف الشرائح.. "البالة" تنتعش في أسواقها مقارنة بالجاهزة تموين حلب تكثف جولاتها لضبط أسعار ومستلزمات العيد