لا يمكن فصل السياسة المالية عن أي عملية إصلاح اقتصادي تتطلبه مرحلة إعادة البناء وتحقيق الانتعاش الاقتصادي لما بعد الحرب، هذا ما أكده مدير غرفة تجارة دمشق الدكتور عامر خربوطلي مشيراً انها تمثل الشريان المالي لجسد الاقتصاد السوري، وبقدر ما تتعزز الإيرادات العامة بقدر ما تساهم في تمويل الأنشطة الاستثمارية وحتى الجارية للقطاع الحكومي، وهي بلا شك على تماس مباشر مع عمل القطاع الخاص سواءً التجاري أم الصناعي أم الخدمي باعتبار أن المرحلة القادمة تتطلب قطاعاً خاصاً كبيراً وقادراً على ولوج جميع الأنشطة الاقتصادية ومشغلاً للأيدي العاملة ومحرضاً لخلق قيم مضافة جديدة، أي أنه سيكون الشريك الأساسي في عملية التنمية الجديدة.
وأوضح انه بقدر ما تزداد الأعمال وتكون غير مثقلة بأعباء الضرائب المباشرة وغير المباشرة والمعتمدة على الضرائب المشجعة للعمل والإنتاج وغير المرتكزة على الضرائب التصاعدية التي تعتبر مانعة للتمركز الرأسمالي وتكوّن الثروات، مبينا أن هذه الثروات مطلوبة اليوم أكثر من أي وقت مضى لمرحلة البناء الجديدة ولإنشاء المزيد من الشركات والتجمعات الاقتصادية.
ويرى أن منح المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تشكل الجزء الأكبر من القطاع الخاص السوري ميزات ضريبية تشجيعية يعتبر أمراً مطلوباً باعتبار أن هذا النوع من المشروعات يتناسب مع بنية المجتمع السوري والأسهل تأسيساً والأسرع مساهمةً في الناتج المحلي، بالإضافة إلى الحاجة لتطبيق ضرائب الإيراد العام والقيمة المضافة كونهما يحققان الجزء الأكبر من العدالة الضريبية.
وقال إن السياسة المالية ليست مطلوبة لذاتها لأنه لا معنى لها أصلاً إن لم تساهم في تحريك النشاط الاقتصادي وتمويل النفقات العامة وهي متشابكة مع السياستين الاقتصادية والنقدية بشكل كبير، وباعتبار أن مرحلة بعد الحرب تتطلب تضافر جهود جميع القطاعات عبر «مشاركة تنموية فاعلة للقطاع الخاص» فإن السياسة المالية ينبغي أن تكون سياسة تنموية غير جبائية وتعتمد على تشجيع أي نشاط تجاري أو إنتاجي أو خدمي يخلق قيم مضافة جديدة وبالتالي إلى توسيع المطارح الضريبية الجديدة وتقديم أقصى ما يمكن من الدعم والتشجيع لتتمكن لاحقاً من تسديد ما عليها من مستحقات للحكومة عبر الضرائب والرسوم على أن يترافق ذلك بوضع قائمة أولويات للنفقات بحيث تساهم في التجديد الاقتصادي دون أن تؤدي إلى ضغوط تضخمية سلبية.
دمشق – الثورة
التاريخ: الأثنين 25-2-2019
رقم العدد : 16917