ما وصفه ماركس في تحليله لفساد البرجوازية في فرنسا والذي قاد الى ثورة 1848 ينطبق أكثر على الولايات المتحدة في العام 2019 حيث الارستقراطية الرأسمالية بشكلها وطريقتها في الربح ثم استمتاعها بأسهمها والذي يقودها لأن تواجه الاضطرابات.
هكذا كان المشهد في جلسة الاستماع التي عقدت أمام لجنة تابعة للكونغرس والتي أدلى فيها محامي ترامب السابق مايكل كوهين « الرجل المكلف بكل شيء» بشهادته خلال ست ساعات تحدث فيها عن الطريقة التي كان يعمل فيها مع معلمه على ابتزاز الشركاء من رجال الأعمال وجباة الضرائب وتخويف من ينتقد ترامب وتبديد الانتقادات حول نشاطات ترامب في مجال العقارات والكازينوهات وفي السياسة الانتخابية.
ما نقله كوهين هو رواية لعملية عرفها الأمريكيون بمشاهدة أفلام مثل فيلم «العراب»، ترامب بسلطته المسلم بها يجب أن تتم استشارته في أي قرار من العائلة من دونالد الابن الى ايفانكا وايريك حيث يؤدي كل منهم دوراً مهماً في مؤسسة العائلة المجرمة ، آلينويسلبرغ المدير المالي لمؤسسة ترامب والذي ذكره كوهين أكثر من عشرين مرة خلال الساعات الست في شهادته كرجل كان يسهل تحايل ترامب للهروب من الضرائب وتضليل البنوك والشركاء في الأعمال .
كوهين كان منفذاً بحسب اعترافه حيث هاجم على الأقل خمسمئة مرة أشخاصاً باسم ترامب على مدى عشر سنوات خاصة الشركاء من رجال الأعمال ومن رجال سياسة وصحفيين وكل الذين حاولوا تقديم شكاوى أو الحصول على تعويض بعد عمليات تزوير في شركات ترامب كما اعترف كوهين بأنه قام بعمليات تسجيل وتجسس على الزبائن أكثر من مئة مرة خلال تلك الفترة الى حوادث رواها كوهين تصل حد المهازل كتهديد ترامب لجامعات درس فيها ولمدرسته العسكرية كي لايفشوا شيئا عن علاماته ونتائجه في الامتحان وأشياء أخرى كثيرة فمثلاً أجبر مؤسسته الخيرية على شراء بورتريه له بقيمة ستين ألف دولار مروراً بأعمال جرمية وقحة كتضخيم قيمة ممتلكات حين يكون الطلب لقرض بنكي وفعل العكس لذات الأشياء بتقليل قيمتها عشرين مرة عن قيمتها الحقيقية للتهرب من الضرائب الى خرق قوانين تمويل حملاته الانتخابية.
إن تصنيف وسائل الاعلام لترامب بالمنحرف وأن تصحيح وصوله الى الرئاسة سيكون عن طريق العزل أو اجباره على الاستقالة هو أمر مرفوض إذ يجب الاعتراف بأن واقع ادارة ترامب هو اشارة لأزمة ممتدة ولانهيار الديمقراطية الأمريكية الذي تعود مسيرته الى عقدين من الزمن حين أخفقوا في عزل بيل كلينتون.
ترامب غشاش العقارات والثري «مقدم برنامج تلفزيون الحقيقة» يجسد الدليل الحي على حقيقة قول بلزاك «وراء كل ثروة كبيرة تختبئ جريمة كبرى».
ترامب الذي جاء الى الرئاسة عام 2016 هو ملياردير صنع ثروته من عمليات النصب والاحتيال من العقارات في منهاتن وعمليات شبه اجرامية في الكازينوهات والعالم الغريب في «تلفزيون الحقيقة» الذي كان يقدمه ويدهش الهواة مصطنعاً حالات عبثية مشابهة للواقع مقززة ومختلقة بشكل أساسي حيث يمكن القول إنه ترامب يمثل في تحويل تلفزيون الحقيقة الى السياسة لكن التطور الأساسي خلال عامي الرئاسة له منذ دخوله البيت الأبيض هو تحرك طبقة العمال الأمريكيين في مرحلة جديدة بدأت بموجة اضراب للمعلمين عام 2018 حيث تحدوا النقابات البيروقراطية.
اليوم ملياردير البيت الأبيض مشغول في هجوم منظم ضد أسس الديمقراطية الأمريكية حيث أعلن حالة طوارئ للالتفاف على الكونغرس الذي يتحكم بالنفقات لتحويل اعتمادات الجيش ووزارات أخرى لبناء جدار على طول الحدود الأمريكية المكسيكية والديمقراطيون يوجهون حملتهم المضادة لترامب حيث يطلقون عمليات تحقيقات واسعة حوله تقوم بها لجنة برلمانية كبرى تطالب بوثائق لأكثر من ثمانين شخصاً ممن يحيطون بترامب من بين هؤلاء ولديه وصهره كوشنير في الوقت الذي يتهم فيه ترامب المسؤولين في وزارة الدفاع بتبذير مليارات الدولارات في الشرق الأوسط وبالتالي فإن التوتر بينه وبين جنرالات البنتاغون دخل مرحلة جديدة بحسب صحيفة نيويورك تايمز وأن ترامب يتهم هؤلاء بأنهم لا يفهمون في الأعمال والاقتصاد.
ترامب يواجه هجوماً شرساً من الديمقراطيين كما الجمهوريين وقد تكون أتعس أيامه في البيت الأبيض تلك التي يمر بها الآن حيث يواجه أخطر الاتهامات.
عن موقع فالميه
ترجمة مها محفوض محمد
التاريخ: الخميس 7-3-2019
الرقم: 16926