الاتحاد البرلماني العربي في ختام اجتماعه بعمان قبل يومين، أكد ضرورة وقف كل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني المُحتل، مُشدداً على مَركزية القضية الفلسطينية، ووجوب مُواجهة مُخططات استهدافها، على الأقل برفض أي حلول مُجتزأة تَتجاوز حقوق الشعب الفلسطيني.
إذاً، تمّ تثبيتُ «لا» كبيرة جداً للتطبيع، رغم مُعارضة واعتراض المُتخلين عن فلسطين، المُطبعين مع الاحتلال، الذين لا شرف لهم ولا دين، والذين لا قيمة لهم إلا في ميزان ما يُباع رخيصاً على الرصيف.
تَثبيتُ اللا الكبيرة ضد التطبيع مع العدو الصهيوني في مؤتمر عربي، يَنبغي ربما ألا يَجري تَظهيرها على أنها الإنجاز العظيم، ذلك أنّه من وجوب الواجب ألا يُطبع العرب مع عدوهم التاريخي، بل من المُسلّم به أن يكون مُجرد طرحه أمراً مَرفوضاً ومُستهجناً، لا يُوجب فقط مُواجهة صاحبَ الطرح بالازدراء، وإنما تَهديده بالطرد من الاجتماع، وباتخاذ قرار تَجريده من عضوية الاتحاد!.
شريكُ الولايات المتحدة الأساسي بما يُدعى صفقة القرن التي تَستهدف تَصفية قضية فلسطين، المُتآمر عليها تاريخياً، الذي أخرجَ من السرية إلى العلن علاقته الوطيدة مع الصهاينة ومُجرمي الحرب الإسرائيليين، وأقام معهم تحالفات وشراكات إستراتيجية، لم يُسجل فقط اعتراض وُلاة أمره «سلمانكو وابنه» على بند وقف التطبيع، وإنما ذهبَ إلى أبعد من ذلك، ليس فقط بما يُظهر خيانة النظام الوهابي، بل بإظهار مَقادير قذارة وغباء هذا النظام، وبما يُخرج أُمعاته من كونها مَخلوقات بشرية، وبما يَستدعي ربما تَعليق ذيل لها ليَدل عليها!.
مُمثل الشورى الوهابيّة قال: إدراجُ بند وقف التطبيع مع إسرائيل، واتخاذُ القرار فيه، من مهام السياسيين لا الشعوب، على اعتبار أنه يُمثل الشعب في نجد والحجاز، ولا يَجوز له المشاركة باتخاذ قرار كهذا، بل ينبغي أن يُترك أمرُهُ لولاة أمرِه «سلمانكو وابنه»!.
أيُّ غباء هذا؟ وأيُّ منطق يَعتمده هؤلاء الرِّعاع المُنفصلون عن الواقع، الذين يعيشون خارج العصر، ويُقيمون فقط بغياهب الجاهلية الأولى؟.
مصر وقعت قبل أربعين سنة اتفاقية مع العدو الإسرائيلي جرى تَقديمها تحت عناوين السلام، غير أنّ الشعب الشقيق فيها ما زال يَرفضُ التطبيع. الأردن فعل الأمر ذاته قبل ربع قرن لكنّ مسافة كبيرة ما زالت تَفصل الأشقاء هناك عن قَبول التطبيع، فهل اتخاذ قرار رفض التطبيع من مَهام السياسيين أم الشعوب يا مَن لا صلة لكم إلا بالخيانة التي تَجري في عروقكم، ويا مَن لا علاقة لكم إلا بتنفيذ ما يَصلكم من واشنطن، تأمرُكم فتُطيعون وأنتم الأذّلاء التافهون؟.
«لا للتطبيع» كنتيجة حاصلة تم تَثبيتها، صحيحٌ أنها تُعبِّر عن حالة تُدرج تحت مُسمى أضعف الإيمان، لكنّها في ظل ما يَقوم به الخونة الذين اختطفوا جامعة الدول العربية كمؤسسة للعمل المُشترك، والذين جعلوا منها جامعة للنعاج وجسرَ عبور للتطبيع مع العدو الإسرائيلي، ولتَنفيذ الأجندات الصهيونية وتَحقيق أهدافها ومصالح وغايات أعداء الأمة، فإنها إنجازٌ سياسي كبير بهذا التوقيت وبالنظر إلى الظروف والأجواء الحالية، إذ تُوجه رسالة قوية لواشنطن والغرب وأطراف صفقة القرن، وتَضرب في الصميم أحلام نتنياهو وترامب وكوشنر، وتُفهم هؤلاء أنّ من تَبيعون وتَشترون فيهم على الرصيف، قيمتهم الحقيقية البقاء على طرف الرصيف، وأنّه من الوهم التَّعويل عليهم باستكمال دورهم الوظيفي القذر!.
معاً على الطريق
علي نصر الله
التاريخ: الخميس 7-3-2019
رقم العدد : 16926