العربدة الأميركية لم تتوقف عند حدود التمادي في دعم الإرهاب في سورية، ولا عند ارتكاب الجرائم والمجازر الوحشية بحق المدنيين بريف دير الزور، أو بتدمير مدينة الرقة وتسويتها بالأرض، وإنما وصلت إلى حد التصرف بحقوق السوريين التاريخية وقرصنتها، وتقديمها للكيان الصهيوني المحتل ليبقى الخنجر المسموم بعد دحر التنظيمات الإرهابية عن كامل الجغرافيا السورية.
تاجر المواقف المخزية ترامب يفيض اليوم بعقليته المتغطرسة التي تعكس نزعة الإجرام والهيمنة الملازمة للإدارات الأميركية، فصدق نفسه أنه شرطي العالم، ويتحكم بمصائر الشعوب ويهبها لمن يشاء، وآخر تصريحاته المقززة بأنه حان الوقت لاعتراف الولايات المتحدة بسيادة الكيان الصهيوني على الجولان السوري المحتل، لا تنم إلا عن مدى الحقد الذي يتحكم بغرائز أركان الإدارة الأميركية من المحافظين الجدد، وتعكس مدى الجهل بحقائق التاريخ والجغرافيا، وحجم الإزدراء الأميركي للشرعية الدولية، والانتهاك الفاضح والسافر للقانون الدولي، حيث أكدت كل قرارات الأمم المتحدة وخاصة قرار مجلس الأمن رقم 497 لعام 1981 تحت الفصل السابع والذي حظي بإجماع أعضاء مجلس الأمن بمن فيهم الولايات المتحدة على الوضع القانوني للجولان السوري بأنه أرض محتلة وأن قرار كيان الاحتلال الغاصب بالضم باطل ولاغ ولا اثر له، وبالتالي لا يحق لسلطة الاحتلال القيام بأي إجراءات تغير من تركيبته الديموغرافية وهويته الحقيقية.
عقلية الهيمنة والغطرسة الأميركية لم تنظر يوما إلى قضايا المنطقة إلا بعيون صهيونية بما يخدم مخططات العدو الإسرائيلي، وهذا ما شجع على الدوام الكيان الغاصب على التمادي في جرائمه وممارساته التعسفية بحق أهلنا الصامدين في الجولان المحتل، حيث تعمد حكومة الاحتلال إلى استغلال الأوضاع الراهنة لتكريس احتلالها وانتزاع الاعتراف بقرارها غير الشرعي بضم الجولان كأمر واقع، وتصعد محاولاتها الإجرامية الهادفة لفرض قوانينها وولايتها على أهالي الجولان، على التوازي مع تصاعد حملات الاستيطان عبر الاستمرار ببناء وتوسيع المستوطنات ومصادرة الأراضي الزراعية الخصبة ومصادر المياه في أنحاء الجولان.
عربدة ترامب لن يكون بمقدورها تغيير الحقائق، أو تغيير مجرى التاريخ، خاصة وأن السوريين عموما وأهلنا في الجولان المحتل خصوصا لم يتوقفوا يوما عن مقاومة الاحتلال، وهم اليوم أكثر تصميما وعزيمة على الاستمرار في النضال حتى تحرير الجولان المحتل بشكل كامل وعودته إلى كنف الوطن، والوقت حان اليوم لأن يدرك ترامب وإدارته المقيتة حقيقة أن الاحتلال إلى زوال مهما طال أمده، فكل قوى الهيمنة والغطرسة والديمقراطيات الزائفة لن تستطيع كسر إرادة التحدي لدى الشعب السوري.
سورية تؤكد على الدوام بأن حقها باسترجاع كامل الجولان السوري المحتل حتى خط الرابع من حزيران لعام 1967 غير قابل للتصرف وغير خاضع للتقادم وعلى كيان الاحتلال الإسرائيلي وداعميه بأن يعوا أن سياساتهم ستسقط أمام صمود أبناء الجولان الذين حافظوا طيلة 52 عاماً تحت الاحتلال على هويتهم وجنسيتهم العربية السورية، وكما سبق لأبناء الجولان السوري إسقاط قرار الضم ومحاولة فرض هوية المحتل وإفشال ما يسمى انتخابات المجالس المحلية الإسرائيلية فإنهم سيسقطون اليوم محاولات ترامب، وحكومة الاحتلال فرض قرارها غير الشرعي بضم الجولان السوري المحتل.
كتب المحرر السياسي:
التاريخ: الجمعة 22-3-2019
الرقم: 16938