الجولان عربي سوري…فهل يعتقد دونالد ترامب أنه قادر على المشي فوق بحيرة طبريا… وهل صدق بنيامين نتياهو همس الوزير بومبيو بجانب حائط المبكى أن السماء بعثت بـ(بالمخلص الأميركي) لإنقاذ إسرائيل…
لم يفاجئنا ترامب كثيرا بإعطاء نتنياهو صكوك ملكية الجولان المحتل… فثمة من كان يبيع صكوك الغفران والجنه إلى مجانين التاريخ ولكن…
من أوصل مخالب ترامب الى الجولان؟ ألم يحملها بعض الخليج والعرب على رؤوسهم؟ ألم يبعثوها فوق رايات أبو بكر البغدادي ويدكوها بين أطنان الأسلحة المهربة إلى سورية؟ اليوم يدارون وجوههم ببيانات خجولة… الواضح أنهم حملوا حذاء ترامب بين تقاسيمها…
لا ينفصل ما يجري اليوم في واشنطن ويهيأ للجولان المحتل عن ماخطط لسورية منذ بداية الحريق العربي، فكل أوراق السلام ومباحثاته في المنطقة حرقت مع بداية إضرام نار إسقاط الأنظمة ومحاولات تفتيت الدول…
ترامب يرمي أوراق (مدريد) وإرث المفاوضات حول الجولان كله في هشيم (اللحظة التاريخية) التي طالما تمناها نتنياهو…فـ(وديعة رابين) كانت ثقيلة على توجهات السياسية الإسرائيلية نحو اليمين المتطرف..
اعتراف ترامب بالجولان لإسرائيل لايغير لدمشق وجهة أو قضية ولايبدل من مطالبها بأرضها المحتلة أو يفتر مقاومتها لاستعادة حقوقها الكاملة ولايعني في أبجديتها السياسية والعسكرية سوى أن المواجهة نضجت ومابعد الإرهاب يوازيه في المنابر السياسية…لذلك تتهيأ كل الحقائب الدبلوماسية منها والحربية…وتشرين التحريرية حاضرة في ذاكرة إسرائيل…فهل يريد ترامب بعد الإرهاب حربا ثانية أم إنها أحد جوانب الحرب القائمة؟!
لايختلف اثنان على أن الاعتراف بالجولان هو ورقة أميركية في صندوق نتنياهو الانتخابي فهو -أي ترامب- باعترافه هذا واعترافه السابق بالقدس عاصمة لإسرائيل حقق لرئيس الكيان ماعجز عنه كل أسلاف نتنياهو…
هناك من قال إن ترامب ضعيف تجاه علاقاته الشخصية ونتنياهو لاطفه كثيرا لذلك كانت له هذه الحصة الكبيرة من تاريخ تخلي واشنطن العلني عن دور الوسيط في قضايا الصراع العربي الإسرائيلي..بل وأكثر…
ترامب يرمي رداء الاعتراف ليحول الملفات السياسية الى ملفات أمنية تخص إسرائيل…كم مرة قال بومبيو إن مايحدث ينضوي تحت ضمان حماية أمن إسرائيل.. لاحظوا أن صفقة القرن تنطح كل جدران العرب بحجة هيكل سليمان!!
جدار الأمم المتحدة هي الأخرى وميثاقها وقراراتها كله يتضعضع أيضا بنطحات ترامب..نقول للأمين العام إن كنت متينا فعلا فخلص نفسك أولا من القرون الأميركية…
نتنياهو أول الواصلين لهدايا واشنطن ما بعد داعش، ثمة من ينتظر ميليشياً أيضاً كردياً ويترقب تركياً، فملفات الشمال أرضية لما يحدث جنوباً، وفي التوقيت تتضح الصورة وتبقى رهن التطورات…
ففي الباغوز وأعيرة الانتصار الخلبي لقسد والتحالف ما يشي أن واشنطن تحاول القفز فوق حواجز الواقع الميداني ويذوب أردوغان في أوهامها..
فهل صدقوا ان الجيش العربي السوري الذي زرع دماءه في أرضه يقبل ان يطؤوا أرضه أو يبقوا فيها؟.. دمشق ومحور المقاومة مازالوا يحاربون بحزم وهدوء من الشمال الى الجنوب الى كل المنابر وفي جميع انواع الحروب الارهابية منها والاقتصادية والسياسية ألم تكن قمة دمشق العسكرية بين ايران والعراق وسورية وماتبعها روسياً رسالة حرقت عيون إسرائيل فبحثت عن الرمد في عيني رئيس الولايات المتحدة؟…
دعوا ترامب يبيع صكوك الملكيات والغفران فمجانين هذا العصر كثر في الحظيرة الأميركية….
كتبت عزة شتيوي
التاريخ: الأثنين 25-3-2019
رقم العدد : 16939