التقيناه في نقابة الفنانين ليحكي حكايات سنين من الدأب مع آلة اعتبرها من أجمل وأرق الآلات فعشقها وأحبها من أول نظرة، إنه عازف الكمان مروان غريبة فوقف باقتدار يحملها لتسمو به إلى مصاف العازفين الكبار فجاب بها دول العالم وعزف أحلى وأرق الألحان على مدى ثلاثة عقود ونيف.
كان لابد لعازف حفر اسمه بحروف من ذهب من تكريمه ضمن مشروع مدى الثقافي حيث غصت قاعة سامي الدروبي في دار الثقافة بشرائح النخبة متلهفين لسماع عزفه تطرب لها أسماعهم ولو هنيهات وتنقلهم إلى مصاف الفن الراقي وتلامس شغاف قلوبهم.
بدأ تعلق ابن قرية المشرفة – مملكة قطنا- بآلة الكمان مذ كان في العقد الأول من عمره فقد استهوته أوتارها وأنغامها, ويزداد عشقه بها عندما كانت أول هدية عبارة عن آلة الكمان تلقاها من شقيقه الذي سافر في بداية سبعينيات القرن الماضي للاتحاد السوفييتي سابقاً بعد وصوله بفترة وجيزة متابعاً رحلته على التدريب بشكل شخصي ودون معلم، حتى اختلاطه بالوسط الفني يتسع أكثر فأكثر إلى أن انتسب إلى نادي دار الفنون حيث كان يرأسه المرحوم زيد حسن آغا فأشرف على تدريبه وإرشاده والعناية بموهبته.
وأول مقطوعة موسيقية عزفها كانت «يا مال الشام» وجمهوره الأول كانت أمه وكانت فرحتها كبيرة بقدر تشجعها له لتنمو وتترعرع بذور الموهبة على مستويات شعبية بسيطة في الأفراح والمناسبات لكنها لم تروِ ظمأ الفنان المترع بالأحاسيس إلى عام 1981 عندما توجه للسير بالمسار الاحترافي حين وقع عقداً مع الإذاعة الليبية ليعمل فيها لمدة عامين وينتقل لنمط جديد في العزف الإذاعي، ووفق منظومة ضوابط واتقان تختلف عن العمل ضمن شرائح اجتماعية عادية ليطلق عليه لقب العازف الأول في الصولويت.
بينما أردف بحديثه قائلاً: بأن النقلة النوعية الثانية حملت أثراً كبيراً له بعد لقائه مع الفنان الكبير صباح فخري ليرافقه لمدة سبع سنوات جاب معه معظم مسارح العالم منها القاعة الملكية للمهرجانات في لندن وقاعة المهرجانات بمدينة كان ومسرح الآمانديه بفرنسا وقاعة بتهوفن بألمانية وكان العازف الأول لدى فرقته الموسيقية فأضاف له الكثير من الخبرة في مجال الأدوار والموشحات ومرافقة الكبار، في الوقت ذاته استقطبته حمص وحملته مهمة المشاركة في فرقة نقابة المعلمين حيث كان يترأسها محي الدين الهاشمي ليصبح أحد أعضائها.
والنقلة المهمة الثالثة حين رافق الفنان الكبير وديع الصافي كرئيس لفرقته الموسيقية لمدة أربع سنوات ليقف معه بدار الأوبرا بمصر وحفلات لبنان بمهرجان بعلبك بثلاث عروض يومية بين آثارات بعلبك الشهيرة وإحدى أهم حفلاته معه في أمريكا بمدينة لاس فيغاس وبلغ عدد الحضور ذاك الوقت أكثر من 15 ألف متفرجٍ فزادت الخبرة باللون الوديعي.
علت شهرة العازف الفنان الدقيق والمتقن الهادئ فشد الأنظار إليه ودعته الدكتورة رتيبة الحفني عام 1996 للمشاركة كعضو لجنة تحكيم في مسابقة الكمان بدار الأوبرا في القاهرة وكان رئيس اللجنة محمد سعيد هيكل عازف مع سيدة الشرق أم كلثوم, ثم دعته السيدة فيروز بداية القرن الحالي عام 2004 للعمل في حفلة واحدة على مسرح الآرينا واصفاً العمل معها بالدقة والانضباط وشبيه بالعمل السيمفوني نظراً لاعتمادها على فرقتين موسيقيتين الأولى شرقية وأخرى غربية، منوهاً بأنه بعد رحلة من العمل مع الفنانين الكبار عاد إلى مسقط رأسه ليترأس فرقة نقابة المعلمين بعد رحيل محي الدين الهاشمي فقدمت الفرقة مجموعة من العروض, وفي المرحلة الحالية عاد كي يترأس فرقة نقابة الفنانين مبيناً بأن حمص توجد فيها فرق ذات مستوى جيد منها فرق موازييك ونقابة الفنانين المتميزة بأنشطتها الثقافة.
خاتماً حديثه عن نيله مجموعة تكريمات من جهات عدة وأماكن على المستوى العربي والمحلي, حيث نال الوسام الذهبي في المغرب وكرمه الفنان الكبير الياس الرحباني بالذكرى العشرين لوفاة أخيه عاصي في بيروت, ونال شهادة التكريم من دار الأوبرا بمصر، ومحليا شمل تكريمين بنقابتي المعلمين والفنانين الحمصية وكثير من الجمعيات والتكريم الكبير كان في عام 2017 بمهرجان الموسيقا الثامن عشر بحمص.
بقي أن نقول بأن مشروع مدى الثقافي قد كرمه بمجسم لآلة الكمان حيث قدمت خلال التكريم الفنانة فاليا أبو الفضل لوحة رسمتها بأناملها وخطت عليها تاريخ 19 آذار الحالي موعد انتهاء إنجازها.
رفاه الدروبي
التاريخ: الأثنين 1-4-2019
رقم العدد : 16945