بدأت مسرحية «الجرافة» بمشاهد مؤثرة حيث تقف الفتاة في الحقل تزرع وتحرث الأرض لكن القدر يقف لها بالمرصاد يتلقفها نبيل لينقض عليها ككلب مسعور ويتركها على حافة الهاوية فقد تم عرض المشهد الأول من وراء ستارة بيضاء وقامت بأداء «نجوى» الفتاة المقهورة والمقتولة « لبنة» بشعرها الأسود المنسدل على كتفيها وكأن المشهد حلم حصل منذ زمن على طريقة الخطف خلفاً ورافقه مؤثرات صوتية وأضواء قدمتها فرقة منتدى غسان كنفاني الثقافي على خشبة دار الثقافة بحمص ضمن فعاليات اليوم الرابع من مهرجان المسرح العالمي من اخراج حسين عرب وتأليف كمال مرة وإعداد هناد ضاهر.
ركزت أحداث المسرحية على ثلاثة أشخاص «نجوى» وتؤدي دورها لبنة بلباسها الأبيض من الرأس حتى أخمص قدميها كأننا ندخل عالم الموتى تظهر كالحلم وشقيقها «كريم» يقوم بأداء الدور «حسين عرب» ونبيل ويؤديها بسام حمزة ويعتبر شخصاً يريد أن يحصل على كل شيء حيث ترك فريسته « نجوى» تقع في قبضة أخيها «كريم» ويقتلها ليدفنها في المقبرة بجوار والدته ويصحو من غفوته ليرى ما اقترفته يداه خوفاً من حديث الناس والقيل والقال ويبدو في المشهد الأولى يحاكي نفسه بصوت عال على طريقة المنولوج الداخلي ويشعر بثقل مرور الأيام والساعات تجاه واقع أليم مر وكابوس يداهم مخيلته.
وبينما يقف مدهوشاً عندما يعود «نبيل» الرجل الآثم ليقف أمام الأخ القاتل والمفجوع بموت أخته ويتبادل كل من «كريم ونبيل» أطراف الحديث ويطالبه بالإجابة عن سبب عودته فينهار عليه الجواب بأنه أصبح مستثمراً كبيراً على مستوى العالم جاء كي يزيل المقبرة بهدف استثمارها بأبنية حديثة ويشتد الصراع بينهما ولا ترجح الكفة لأحد منهما.
لقد اتكأ العمل على نص هادئ كلاسيكي اقترب من الدراما بمحاكاته للواقع المعاش واستخدم المؤثرات الصوتية والأضواء الحمراء للتعبير عن حالة بؤس معينة ومعاناة داخلية لدى الأشخاص وأتبعها باللون الأزرق كي يدل المشهد عن الأماكن الخارجية والتعبير عن لون السماء الصافية
حسين عرب مخرج العمل تحدث بأن العرض يرمز إلى الهجمة الغربية الكبيرة وما يتعرض لها المجتمع العربي المتمسك بالأمجاد والأجداد والغافل عن الحاضرة لافتا بأن العمل يدعو العرب ليكونوا يداً واحدة ويدافعوا عن وطنهم بوجه الخطر القادم من الغرب عبر جرافات لاجتثاث جذورنا وحضارتنا وعراقتنا المتأصلة وتاريخنا العريق.
أما المخرج المسرحي والممثل « أفرام دافيد أن نهاية العرض غير واضحة للمتلقي حيث تركها المخرج مفتوحة مشيرا إلى احترام عقل المشاهد وتضيف نكهة للعرض وتحرض الجمهور صاحب القرار وتحفزه لإثارة النقاش حول كيفية انهاء العروض.
كما أشار الممثل المسرحي بسام حمزة بأن المسرحية تدل إلى زمن العولمة الذي يقتحم العالم العربي ليغير معالم التاريخ والحضارة ويضخ الأموال ليحقق هدفه لافتا إلى تعمد المخرج ترك الحكم للجمهور بعد إيصال الأفكار والمعنى المقصود من العرض.
رفاه الدروبي
التاريخ: الأثنين 8-4-2019
رقم العدد : 16951