اجتمعن مع بريق النور والإبداع، وحملن رسالة المحبة والسلام إلى العالم جميعه، نساء من بلدي اعتنقن الجمال ليبزغ النور من جديد، بعيدا عن ظلمة الحروب والنزاعات وقسوة الظلم والإرهاب، وعادوا إلى حيث البداية ونهلوا من الحضارة التي لم يستطع جبروت العالم جميعه أن ينال منها، فكن فنانات «أوغاريت» التشكيليات، جمعن بين النحت والرسم بمدارسه المتنوعة ليشكلن معاً تجمعاً فنياً لافتا، يقدمن أعمالهن في الملتقيات الفنية والمعارض وكان آخرها المعرض الذي أقيم في صالة عشتار وجمع الفنانات «أمل زيات، ربى كنج، سراب الصفدي، علا هلال، غادة حداد، لينا ديب، يسرى محمد».
جاء المعرض احتفاء بعيد المرأة التي استطاعت أن تشكل علامة فارقة في صمودها وتضحياتها الكبيرة، ليأتي هذا المعرض تكريماً لها:
أصالة وحضارة
الفنانة التشكيلية لينا ديب ترى في المعرض مناسبة للاحتفاء بأعياد آذار عيد الأم والمرأة بشكل عام وعيد المعلم، وخصوصاً أن الفنانات التشكيليات المشاركات هن من المحافظات السورية كافة، ولكل منها مدرستها الخاصة وطريقتها في التعبير سواء في النحت أو الرسم التشكيلي.
تقول: أشارك في هذا المعرض بعدد من اللوحات المرأة هي العنصر الأساس فيها، وقد تناولت فيها المرأة بين الماضي والحاضر بدءا من حضارة أوغاريت والطقوس والرموز الأوغاريتية وعلاقتها مع الرموز والمجتمع الأوغاريتي، وفي لوحات أخرى أخذت المرأة وعلاقتها مع الشجرة والأرض وقد أصبحت جزءاً من الشجرة وربطت جذورها مع الأرض، لأعبر في ذلك عن الحافز التصويري الداخلي الذي يعبر عن أصالة وعمق المرأة وجذورها عبر التاريخ.
وعن تقنياتها في الرسم قالت: أجمع بين الخط واللون على السطوح الفرافيكية بحيث تداعب مشاعرنا الجمالية تلك العلاقة المنسجمة بين المرأة والتاريخ، وتلك الجذور العميقة التي ننتمي إليها من الحضارة العريقة.
وهذا المعرض الجماعي المشترك للفنانات، كل واحدة فيها تكمل الأخرى عبر تعدد الأساليب والتقنيات والمدارس، ونسعى من خلال هذه المعارض والملتقيات لنشر الذائقة الفنية ونشر الجمال في كل مكان.
الأقدر تعبيراً
وترى الفنانة أمل زيات أن الاحتفال بأعياد المرأة يضيء على ماقامت به المرأة السورية ودورها في المجتمع، والمنحوتات التي أقدمها في المعرض حاولت من خلالها أن أركز على تعابير الوجوه، لأن الوجه هو الأقدر على التعبير وإرسال الرسائل إلى المتلقي.
ولاشك أن هذا المعرض يشكل لوحة متكاملة جمع بين الرسم والنحت مايعطي فرصة هامة للاطلاع على تجارب الآخرين، وخصوصا أننا مجموعة من الفنانات نجتمع من المحافظات كافة مايغني المعرض بأعمال تحمل النكهة السورية بامتياز.
المرأة والطير
وجسدت الفنانة ربى كنج في أعمالها حالات تربط فيها بين المرأة والطير، في محاولة للتعبير عن مكنونات الأشخاص ومعاناتهم ومايشعرون به في ظل ضغوطات الحياة ومتاعبها.
تقول: أجمع دائماً في أعمالي بين المرأة والطير وهي حالة تمثلنا جميعاً وتعبر عنا، وكل منحوتة تمثل حالة معينة ومنها محاولة الخروج من الشرنقة، وليس دائماً الطير يعبر عن الحرية، بل ربما يكون واحداً من الضغوط الكثيرة التي نتعرض لها وهذا يتضح في الطير الذي يقف على رأس المرأة، والأعمال جميعها مشغولة من مادة البرونز.
كوني ذاتك
وتحاول الفنانة غادة حداد أن تدخل إلى عمق الأنثى عبر لوحاتها، وخصوصا الأنثى التي تراها وقد استنفدت حياتها وطاقاتها في الانتظار، انتظار أي شيء دون الالتفات إلى الاهتمام بنفسها كأنثى، لتقول لها كوني في المقدمة، كوني ذاتك، لأن المرأة السورية وعبر التاريخ هي امرأة قوية تتمتع بالكبرياء والعنفوان، والأنوثة هي بحد ذاتها قوة لها.
وتقول: كنت أعتمد البساطة في اللوحات لكن في هذا المعرض أردت الخروج عن المألوف لإظهار جمال الشخصية وخلق توازن في العمل الفني بين التكوين، الحركة، الإضاءة، التوازن اللوني، وإظهار جمال المرأة الداخلي وقوتها وتأثيرها في الحياة الاجتماعية.
شبيهة بالحياة
وترى الفنانة يسرى محمد في منحوتاتها صورة للمجتمع الذي نعاني فيه من صعوبات وضغوطات يشبهه في ذلك الحجر، ولكن بقدر مانكون على قدر من المهنية والثقافة نستطيع أن نطوع الحجر ليكون كما نشاء، وكذا الحياة تحتاج منا إلى دراية وحكمة لنتغلب على صعوباتها.
والحجر مهما كان قاسيا وصعب المراس بالمحبة والمهنية نستطيع أن نجعله طوع اليد ليجود علينا بلوحات فنية قادرة أن تقدم رسائلها إلى المتلقي بلغة فنية عالية تصل إلى القلوب قبل العقول، والمعرض الجماعي المشترك فرصة هامة لتبادل الآراء والخبرات.
فاتن أحمد دعبول
التاريخ: الأثنين 8-4-2019
رقم العدد : 16951