يبقى للبوح الشعري أصالته ودوره في القلوب والعقول، فنراه يتصدر الأيام الثقافية التي تقام في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بدمشق عبر مشاركة عدد من الشعراء من أجيال مختلفة، تباينت قصائدهم بين الشعر الكلاسيكي والحداثوي.
مهرجان دمشق الثقافي الذي تقيمه وزارة الثقافة بالتعاون مع جامعة دمشق والاتحاد الوطني لطلبة سورية واتحاد الكتاب العرب احتفالا بأعياد آذار ونيسان وتستمر ثلاثة أيام تتوزع بين الشعر والقصة والعناوين الفكرية.
وفي كلمة الافتتاح بين مالك صقور رئيس اتحاد الكتاب العرب أن التفاعل بين شريحة الأدباء والمثقفين والجامعة حالة وطنية ضرورية نظرا لحاجة طلابنا إلى الثقافة التي تساهم في بنائهم الفكري تأكيدا على دور الشباب في مرحلة النهوض وإعادة الإعمار.
وأوضح أننا في سورية نسعى إلى ثقافة عربية وطنية قومية إنسانية، ورغم أعوام الحرب الثمانية فإن سورية تعود للازدهار من جديد تملأ الدنيا وتشغل عقول حكام الدول الكبرى وتلهب قلوب الشرفاء من شعوب العالم التي هبت للتضامن مع الشعب السوري، وسورية في طريقها للإعمار متعالية على جراحاتها خلف قائدها الذي يسر بها نحو التحرر والتحرير والأمن والأمان والإعمار، إعمار البناء وبناء الإنسان الجديد.
ومن أجواء المعاناة والحرب قدم د. ثائر زين الدين قصيدته في رصد فلسفي وأسلوب حكائي فقال:
تمتم البائع مدهوشا، ولكني أبيع الفردتين معا
وحاول أن يعيدهما إلى رف أنيق
خلف واجهة الزجاج
فتبسم الجندي، قرب نحوه الكرسي
عندي من يقاسمني الحذاء
وتحت عنوان» الجولان» قدم الشاعر قحطان بيرقدار قصيدته على نمط الشطرين، أغناها بالصور والتشبيهات ليعبر عن التمسك بتراب الجولان السوري المحتل:
كالنسغ كاليخضور للأغصان
وكمحكم الآيات في القرآن
وكخبز عيسى بل كخمرة حبه تسري بروحي
تربة الجولان.. وأصير والملك الكفيل بغربتي
تفاحة في جنة الرحمن
ويوجه الشاعر أمير السماوي في قصيدته النثرية خطابه إلى الإرهاب التكفيري مبينا زيفه وخداعه في قوله:
أمك من ضخت دمك، وهم الضحايا ستروك
ومن فخخوك، اغتصبوا عين الحور
ودقوا أسافين في النهر
كي لايجري تحت قدمي أمك
وتغنت الشاعرة هيلانة عطاالله في قصيدتها «من وحي الجلاء» بالمعاني الجميلة لجلاء المستعمر الفرنسي عن وطننا سورية، وأشارت بدورها إلى المفارقة بين البطولات التي قدمها رجال الثورة ضد الاحتلال وبين الإرهاب الذي جاء به مايسمى «الربيع العربي» قالت:
أيا عيد الجلاء أفض بنور من الأجداد صناع المعالي، كسيف الحق شيمتهم مضاء لهم خرت مقادير المحال
ونحن اليوم لن نرضى ربيعا كنعق البوم ينبي بالزوال
ومجدت الشاعرة ليندا ابراهيم الشهادة في قصيدتها مبينة أن سورية تقدم الغالي والنفيس من أجل حريتها كيف لا وهي تنتمي إلى حضارة عمرها آلاف السنين تقول:
فأرضنا تربة..
جبريل قال لها بأن أبناءها فيها غدا شهدا
لولا الهوى لم نكن نهدي مكارمنا
ولم نذق في الغرام الهم والكمدا
ولا ادخرنا إلى علياك غالية
ولا ضننا آمالا كان أو ولدا.
أما قصيدة الشاعر ابراهيم عباس ياسين فقد حملت الهم العاطفي والوجداني ليتماهى مع معشوقته في حالة من الوجد الصوفي حيث قال:
ياالتي تغتالني عشقا، هبيني من لدنك الصوت
ردي لي أغاني لكي أنسى مراثي وأحزاني التليدة
وفي قصيدته «سامحيني ياحمامة» فقد استهلها بمقدمة وجدانية ليخرج إلى الهم الوطني معبرا عن تفاؤله بدحر سورية للإرهاب ونصرها الأكيد:
سامحيني ياحمامة موتنا مامنه بد
فليعدوا مااستطاعوا أن يعدوا
إنني أعددت قلبا ماله في الحب حد
وختامها المسك مع الشاعر محمد حسن العلي في قصيدته التي عبر بها عن إبداع سورية وصمودها في وجه الإرهاب وداعميه بكل البطولة والشجاعة.
من سورية من مصدر الإشعاع يسمو بياني
بيرقا ويراعي
وعلى سماء المجد زف مواسم غناءة
تزهو على الأسماع
تميزت الفعالية الشعرية التي تصدرت الأيام الثقافية بحضور لافت للعديد من الوجوه الثقافية والفكرية، وكان الوطن حاضرا في بطولاته وصموده والآمال بأن القادم من الأيام يحمل الخير كله.
فاتن أحمد دعبول
التاريخ: الخميس 11-4-2019
رقم العدد : 16954