مــــن خـــــارج العــاصمـــة… بعد مرور أكثر من ستين عاماً على استثمار الأراضي…تغريم مزارعي قرية العكاري بحمص بملايين الليرات وإحالتهم الى القضاء
عندما صدر قانون الإصلاح الزراعي الذي طرح شعار «الأرض لمن يعمل بها « في أوائل ستينيات القرن الماضي، لم يكن مزارعو قرية العكاري التابعة لمنطقة تلكلخ في محافظة حمص، يعلمون أن الأراضي التي حصلوا عليها بموجب هذا القانون ستتحول إلى نقمة على أولادهم وأحفادهم بعد مرور أكثر من ستين عاماً بحسب رأي أهل القرية.
أعوام ستون قضوها في استصلاح تلك الجبال الوعرة لجعلها صالحة للزراعة وتحويلها إلى غابات من الزيتون المعمرة، لكن فرحتهم برؤية ثمرة كدهم وتعبهم ذهبت أدراج الرياح عندما جاءت مؤخراً لجنة من أملاك الدولة لتقطع جزء كبير من هذه الأراضي بحجة أنها أملاك دولة وتفرض عليهم دفع إيجار استثمارها تسعة آلاف ليرة سورية سنوياً عن الدونم الواحد لأكثر من ثلاثين سنة خلت ليقدر المبلغ المغرم به كل مزارع بين نصف مليون وثلاثة ملايين ليرة وهي مبالغ فوق طاقتهم بكثير، وقد حولت القضية الى القضاء الذي يقوم حالياً باستدعاء المزارعين كل في دوره للمثول أمامه وهم غير مصدقين حقيقة ما حدث، ولسان حالهم يقول: لو كنا نعلم أنها أملاك دولة لما رضينا بها منذ قدوم لجنة الإصلاح الزراعي التي شكلت بعد ثورة الثامن من آذار، للقيام بمهمة توزيع العقارات على الفلاحين بالتراضي ومن ضمنها الأراضي التي يقال عنها الآن أنها أملاك دولة، ولدى المزارعين الحاليين بيانات قيد عقاري وشهادات انتفاع بها ورثوها عن آبائهم.
ويضيف الأهالي الغريب في الأمر أيضا، أن اللجنة التي قامت بتخمين الأراضي وتغريم عشرات الفلاحين وإحالتهم الى القضاء لإرغامهم على دفع مبالغ تقدر بالملايين، واعتمدت في تحديد مساحة الأرض وشاغليها على شهادات أناس يجهلون حدود الأراضي الفاصلة بين مزارع وآخر، فوقعت في مغالطات كبيرة ومنها تغريم أشخاص عن سنوات ما قبل مولدهم وتم تخمين مساحات لأشخاص لا يشغلونها لأن أكثر من مزارع منتفع في العقار الواحد وكان من الأصح الاستناد على معلومات رئيس الجمعية الفلاحية المعني بهذا الشأن، وإعلام مزارع الأرض بالتخمين، بدلاً من إتمام الأمر خلسة عن الشاغلين وتركها تخضع لمزاجية البعض واجتهاداته غير الصائبة كما يقول أهل القرية.
للاطلاع على حيثيات الموضوع أجرت (الثورة ) اتصال هاتفي بمدير دائرة أملاك الدولة في مديرية زراعة حمص طلال الجردي الذي أكد أن قسم من الأراضي تم توزيعها بموجب قانون الاصلاح الزراعي رقم 161 لعام 1958 وظل قسم مستبعد من التوزيع لصالح الخزينة، ولكن أهالي القرية المذكورة وضعوا أيديهم على كافة الأراضي، وبناء على شكاوى الأهالي المتبادلة قمنا بحصر التجاوزات بالقرية وصدر قرار بنزع اليد، وأضاف تم تقديم الاعتراضات من قبل الأهالي واللجنة بصدد دارستها، وبعد الانتهاء سيتم رفعها الى وزارة الزراعة للبت في الموضوع وإصدار القرار اللازم.
وأشار الجردي الى أن العقارات المسجلة بالصحائف العقارية لا يسري عليها التقادم، وأن قرار نزع اليد هو إجراء إداري لحفظ حق الخزينة.
خلاصة القول القضية ملحة جداً وتحتاج الى تدخل الجهات العليا صاحبة الشأن لإنصاف المزارعين الذين حولوا الأرض الجرداء بكدهم وعرقهم الى غابات من الزيتون واللوز ومكافأتهم على تعبهم وتفانيهم في خدمة أرضهم ووطنهم وقدموا الشهداء في سبيل صونها، لا تغريمهم بملايين الليرات التي يعجزون بكل الأحوال عن سدادها. وتأجيرهم الأرض التي كانوا حتى الأمس القريب يظنون أنهم مالكين لها.
الثورة – بسام زيود
التاريخ: الثلاثاء 16-4-2019
رقم العدد : 16958