كان معرض التصوير الضوئي (سأكون يوما ما أريد) الذي أقامته جمعية (تاء مبسوطة) استمرارا لبرامجها الثقافية والفنية، والتي تهدف إلى تنمية المرأة وتمكينها عبر الثقافة والفن، وقد سارت الجمعية دوما ضمن خطة ثقافية مدروسة بعناية، ترفدها بشكل دائم الأنشطة والفعاليات العديدة، لدعم المرأة في مجال ابتعد عن الجانب التقليدي المألوف، وقد اعتدنا عليه على الأكثر في المجال الاقتصادي وتعلم المهن التقليدية والحرف المعروفة كالخياطة وغيرها، ليصار هنا إلى فتح آفاق جديدة أمام المرأة، مختلفة عما درجت عليه العادة، فخرجت من إطار الجانب المادي البحت إلى المجال الثقافي لتمكينها في هذا الميدان واقتحام سوق العمل أيضا، لكن من خلال المجال الثقافي والمعرفي..
فكانت الأنشطة كافة ترجمة فعلية لهذا الهدف، وقد دخلت نفس الأنشطة تلك جميع المجالات الثقافية، فكانت في الأدب والكتابة والنقد والفن التشكيلي كما هو التصوير الضوئي.. حيث آخرها معرض (سأكون يوما ما أريد)، والذي جاء تتويجا لورشة عمل، استمرت لشهور طويلة، شاركت فيها فتيات يعانين من إعاقة سمعية، حيث تم تدريبهن بالاعتماد على خبير ومترجم في لغة الإشارة، وهو الأستاذ هيثم دادو، جنبا إلى جنب الاعتماد على مدربين اهتموا بالجانب التقني والفني وآليات التعامل مع الكاميرا، مثلما هو الجانب الجمالي للصورة.. بدءاً من تكوين الكوادر إلى قياسات اللقطات واستخدام الفضاء وغيرها من المفردات الخاصة بهذا الفن.. وذلك من أجل تمكين المتدربات في كافة الاتجاهات للوصول إلى مهارات فنية، ظهرت بوضوح عبر المعرض سأكون يوما ما أريد، وقد لفتت لوحاته الأنظار، وانتزعت إعجاب فنانين ونقاد ومتلقين بجدارة، خصوصا أن الأعمال لفتيات تجاوزن الإعاقة وصنعن فنا جميلا، لاسيما أن الأعمال المعروضة كانت متميزة، وفي أكثر من اتجاه.. سواء من الناحية الفنية أو مضمون اللوحات أو تنوعها، حيث جسدت جمعيها الوجه الآخر للجهود المبذولة، كما المعلومات التقنية والمهارات المتطورة والتدريبات، مثلما هو بنفس الوقت الموهبة التي صقلت بعناية.
عن أهمية هذا المعرض وخصوصيته تحدثت الكاتبة ديانا جبور رئيسة مجلس إدارة جمعية (تاء مبسوطة) قائلة: يندرج المعرض ضمن خطة الجمعية التي تهدف إلى تمكين المرأة ودفعها إلى سوق العمل الثقافي عبر تطوير ملكاتها وأدواتها الفنية والثقافية، وبالتالي أتى المعرض كتتويج لورشة عمل استمرت أكثر من ستة أشهر، بين تمارين وتدريبات وإعادة تصوير وغيرها..اتبعتها فتيات يعانين من إعاقة سمعية، وقد سبق لفتيات عانين من إعاقات حركية وبصرية متابعة بعض الورشات الأخرى، والتي أقامتها الجمعية، وقد نجحن بامتياز رغم الإعاقة.. شارك معنا هنا في الترجمة الأستاذ هيثم دادو، أما مدرب الورشة الأستاذ تليد الخطيب، وسيكون هناك لجنة تحكيم تقوم بتقييم الأعمال، كما ستقدم جوائز متعددة للصور الفائزة كنوع من الدعم والتشجيع, وكل هذه الأنشطة تنسجم مع تأهيل المرأة ثقافيا ومعرفيا، فالثقافة تبقى الرأسمال الأهم, وهذه الأنشطة المتجددة التي تقوم بها الجمعية تخرج عن الإطار التقليدي لتأهيل المرأة، حيث تبقى الثقافة والفن حصانة منيعة للمجتمع.. غلب على اللوحات الضوئية واقعيتها المأخوذة من المحيط، وقد تحلت بتفاصيل حملت الترجمة لكثير من المعلومات التي عرفها الفتيات خلال الورشة، فكانت الصور متميزة على مستوى المضمون والتقنيات كما هو على المستوى الفني.
أقيم معرض التصوير الضوئي في صالة جورج كامل، وهي المرة الثانية التي تفتح أبوابها لنا كصالة، تساهم بدورها في نشر أعمال تلك الفتيات.
آنا عزيز الخضر
التاريخ: الخميس 18-4-2019
رقم العدد : 16960

التالي