مبدعون رحلوا.. وأريجهم يعبق في القلب والوجدان
مع الفن والأدب والفكر كانت رحلتهم التي تركت بصمات هي عصية على النسيان، بل تلح على ذاكرتنا بين الحين والآخر كلما تعثرنا في محطة ما، أو نجحنا في أخرى ليعودوا إلى ذاكرتنا بقوة بإبداعاتهم وتجاربهم وأعمالهم التي تخلدها الذاكرة سواء كانت هذه الذاكرة ورقية أم مرئية أم مسموعة، ولكنها تكمن في غير مكان وهي حاضرة لأن نستحضرها عند الحاجة إليها، إما تكريما، أو الاستفادة من تجربتها، أو وفاء لها ومكرمة لأنها في مكان ما عبدت الطريق ليعبر الأجيال إلى فضاءات أرحب في التطوير والتحديث والإبداع الذي لايزال تنضح به العقول المبدعة.
وفي برنامج» مبدعون رحلوا» الذي يبث على قناة» لنا» نجد عودة إلى أرشيف التلفزيون واستذكار الفنانين الذي رحلوا عن دنيانا لكنهم تركوا رصيدا كبيرا من الأعمال الهامة التي تحكي مسيرتهم وإبداعهم ورسائلهم في مرحلة معينة من التاريخ، وسجلوا فيما قدموه إرثا غنيا يستحق العودة إليه للنهل من معينه الثر لأنه وقبل كل شيء هو يحمل تجربة هامة تركت أثرها في عالم الفن والإبداع، وهي ثانيا شكلت قيمة مضافة للأعمال الدرامية، ولايهم في ذلك إن كان فنانا من الصف الأول أو الثاني أو أي درجة يصنف، فكما يقول المثل» الحجر في مكانه قنطار» فلكل بصمته ودوره ومكانته الخاصة.
ويسجل لقناة» لنا» استحضار المبدعين في برنامج خاص، لنعود الى الزمن الجميل» عبد اللطيف فتحي، نهاد قلعي، هالة شوكت، محمود جبر، حسن دكاك، هاني الروماني، والقبضاي بهلول» عصام سليمان، والقائمة تطول، وكلما عدنا إليهم تعود بنا الذاكرة إلى فترات ولحظات عشناها وأناس رافقونا أيضا في مشوار حياتنا عندما كانت العائلة تجتمع معا، لمشاهدة المسلسلات التي رغم بساطتها لكنها كانت مشغولة بالحب والإبداع، يوم كان كل شيء يصنع بمشقة وأدوات بسيطة، وفي أماكن ثابتة لكنها كانت تمنح المشاهد المزيد من المتعة وتحفزه على متابعة الأعمال الدرامية التي كانت تنطلق من الواقع وتلامس شغاف القلب والروح.
ومن الجميل أن نكون أوفياء لكبارنا ولمن أسس للدراما التلفزيونية والإذاعية لأنهم هم من وضع حجر الأساس لعالم من الفنون الذي لايزال يتطور ويرتقي بفنانيه ومبدعيه إلى أن حققت هذه الدراما انتشارا واسعا عبر الفضاءات المفتوحة، ولولا أنها تقف على أسس عميقة وإرث فني غني ربما لم تستطع أن تحقق هذه النجاحات، وحقا لكل مجتهد نصيب، والوفاء من شيم الكرام، وكبارنا سيظلون في الذاكرة والقلب والروح نستمد منهم الإيمان بأننا نقف على جلمود من الصخر وحضارتنا عميقة في التاريخ وفروعها تطال عنان السماء.
وكم نتمنى أن تعاد بعض المقابلات للفنانين الذين رحلوا لأنهم يحملون فكرا نيرا وعقولا متفتحة، لنعود معهم إلى البدايات ونستفيد من خبراتهم وتجاربهم ورؤاهم التي جعلتهم يسكنون سفر الخلود بسلام.
فاتن أحمد دعبول
التاريخ: الثلاثاء 23-4-2019
رقم العدد : 16962
