في زمن العربدة الأميركية، تفرد الولايات المتحدة كل أوراقها الضاغطة للهيمنة على قرارات الشعوب ومصائرهم، وترفع منسوب غطرستها وبلطجتها الدولية كمنهج ترتكز عليه سياساتها العدوانية، حتى جعلت من نفسها عدوة لكل شعوب العالم، وهذا يعد مؤشرا خطيرا يرخي بظلاله على الأمن والسلام العالميين، حيث تنتشر بؤر الإرهاب في الكثير من الدول بفعل قوة الدفع الأميركي، وتعم الفوضى والعنف في العديد البلدان أيضا بفعل نزعة التسلط الأميركية التي يترجمها ترامب اليوم بعقلية الجاهل لأبسط القواعد والقيم الإنسانية.
إدارة ترامب امتطت سرج الإرهاب، لتتفيذ مشروعها العدواني في سورية، لتكون البوابة التي يتم استهداف كل دول المنطقة عبرها، لكنها فشلت بقوة الردع التي يجيد الجيش العربي السوري إدارة دفتها بخبرة عسكرية كبيرة أثبتت فعاليتها في الميدان، لكن نزعة الغطرسة الأميركية تحتم على واشنطن الاستمرار بالرهان على عكازها الإرهابي، فتعمد لتكريس ادلب كمحمية دائمة لإرهابيي النصرة، بمساعدة أداتها الأردوغانية، وقد اعترف نائب مساعد وزير الحرب الأميركي مايكل مولروي بأن المحافظة تحتضن أكبر تجمع لإرهابيي القاعدة وأعوانها في العالم، وتمنع كذلك التوصل إلى أي حل سياسي لا يكون مفصلا على مقاس أطماعها، وتتمادى كذلك بحربها الاقتصادية كورقة ضغط وابتزاز إضافية، ولم تخف «افتخارها» بإرهابيي «الخوذ البيضاء»، الذين يتحضرون اليوم للقيام باستفزازات كيميائية جديدة بقصد اتهام الجيش العربي السوري، وتصر أيضا على مواصلة احتجاز المدنيين في مخيم الركبان كذريعة لاستمرار احتلالها لمنطقة التنف، وإعادة تعويم دواعشها إلى جانب ميليشياتها من مرتزقة «قسد» في الجزيرة السورية، وكل ذلك بهدف تثبيت وجودها الاحتلالي، كقاعدة انطلاق لاستهداف دول محور المقاومة.
ما يجري في فنزويلا اليوم، لا ينفصل عن الأجندات الأميركية المرسومة للدول المناهضة للسياسات الأميركية، ومحاولة الانقلاب العسكري الفاشلة التي أحبطتها الحكومة الفنزويلية الشرعية جاءت بأوامر وتعليمات أميركية لمحاولة الهيمنة على دول أميركا اللاتينية، التي ترى فيها واشنطن حديقة خلفية، وهذا ينطبق أيضا على الحرب العدوانية التي يشنها النظام السعودي على الشعب اليمني بدعم أميركي لا محدود، حيث لم يجد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أي غضاضة في الاعتراف بأن تلك الحرب هي لحماية المصالح الأميركية بالدرجة الأولى، وهذا ما يفسر معاودة ترامب مطالبة آل سعود بدفع المزيد مقابل حماية عرشهم، ويفسر في الوقت نفسه الاندفاعة السعودية لتغطية أي نقص في سوق النفط العالمي، للتعويض عن النفط الإيراني فور دخول حزمة العقوبات الأميركية الجديدة حيز التنفيذ.
أميركا تصوب سهامها العشوائية في كل اتجاه، ولم تترك معاهدة دولية إلا وانسحبت منها، أو بصدد الإعلان عن التنصل من تلك الاتفاقات، وتشهر سلاح العقوبات في وجه كل من يخالفها الرأي، ولا ينضوي تحت عباءتها، حتى حلفاؤها لم تسثنهم من حربها التجارية، ولكنها سرعان ما ستدرك أنها تمهد بذلك لبداية زوال هيمنتها، لأن إرادة الشعوب تبقى هي الأقوى.
كتب ناصر منذر
التاريخ: الأربعاء 1-5-2019
رقم العدد : 16968