بعدما فرض الجيش العربي السوري معادلاته في الميدان، تتهيأ منظومة العدوان لحملة تصعيد جديدة لاستكمال فصول الحرب الإرهابية، وهذا يبدو واضحاً من خلال التعزيزات الكبيرة التي استقدمتها التنظيمات الإرهابية في منطقة (خفض التصعيد) لبدء شن هجماتها على أكثر من محور، امتثالاً للأوامر والتعليمات الصادرة من قبل المشغلين في واشنطن، وأتباعها لدى نظام أردوغان ومن يدور في فلكه الإجرامي.
الإرهاب بكل أشكاله وعناوينه، هو مجرد أداة قذرة بيد رعاته ومموليه، تتم إعادة استنساخه واستثماره في كل مرة تصل فيها الدول الداعمة إلى طريق مسدود، وفشل رهان إدارة ترامب على أذرعها الإرهابية، يدفعها للبحث مجدداً عن أساليب جديدة تطيل عمر الأزمة، وإدلب تتصدر مشهد التصعيد الأميركي والعثماني اليوم، بهدف جعلها بؤرة إرهابية دائمة تكون منطلقاً لتوسيع نطاق الاعتداءات على مواقع الجيش والمناطق الآمنة المحيطة، وما يجري من تحضيرات لشن هجمات إرهابية، والقيام باستفزازات كيميائية، رسائل تمهيدية للانقضاض على كل تفاهمات (آستنة)، واتفاق سوتشي، خاصة وأن نظام أردوغان لم ينفذ أي التزام من تعهداته، وإنما يسعى لعقد المزيد من الصفقات مع مشغله الأميركي، وهذا ما تشير إليه اللقاءات والاجتماعات المتواصلة بين الجانبين، وعملية التنسيق الحاصلة لتعويم الميليشيات كأذرع برية تتناوب واشنطن وأنقرة على توظيفها بما يتوافق مع الظروف الراهنة.
مرتزقة (قسد)، وما سمي بمؤتمر العشائر الذي عقد مؤخراً في مدينة عين عيسى تحت إشراف أميركي وتركي، لا ينفصلان أبداً عن المخطط الأميركي الهادف لتوسيع دائرة التصعيد، خاصة وأن الشخصيات التي مثلت تلك العشائر استبقت عقد الاجتماع بزيارة إلى تركيا، تزامنت مع زيارة قام بها الموفد الأميركي جيمس جيفري، وهو ما يؤكد التشبث الأميركي بالرهان على عكاز الإرهاب الذي سيفشل مجدداً، خاصة وأن مرتزقة (قسد)، والمشاركين في تجمع الخيانة والعمالة لا يعبرون عن أي من المكونات السورية الوطنية الشريفة، ولذلك فإن المؤتمر المذكور مني بفشل ذريع بسبب مقاطعة معظم العشائر العربية الأصيلة له.
واشنطن تدفع بكل نفوذها وبلطجتها الدولية لتثبيت احتلالها، سواء في التنف أم الجزيرة السورية، وتهيئ لأدواتها من التنظيمات الإرهابية وضامنها التركي كل ما من شأنه أن يطيل عمر بقائهم في إدلب، وشركاء الإرهاب الدوليون بدؤوا يمهدون أيضاً الطريق لشرعنة الجرائم الجديدة للتنظيمات الإرهابية في منطقة خفض التصعيد، والقلق الذي أبداه ماكرون تجاه مصير الإرهابيين بحال بدأ الجيش العربي السوري معركة الحسم تصب في هذا الاتجاه، ولكن كل ذلك لن يثني الدولة السورية قيد أنملة عن استكمال تطهير واستعادة كل شبر يحتله الإرهابيون، أو أي قوة أجنبية محتلة.
ناصر منذر
التاريخ: الأربعاء 8-5-2019
رقم العدد : 16972