لا يمكن تفسير إلغاء وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية مايك بومبيو محادثاته في ألمانيا، وسفره على عجل وتحت جنح الظلام إلى العراق، إلا لمكيدة تخطط لها إدارة البيت الأبيض التي تعمل هذه الأيام على تجييش دول العالم ضد إيران، التي بقيت متمسكة بالاتفاق النووي كما هو ولمدة سنة كاملة بعد خروج واشنطن منه، وهي تنتظر حتى اليوم التزام الشركاء الآخرين بما تعهدوا به باتفاق 2015 الذي تبناه مجلس الأمن الدولي بالإجماع بقراره رقم 2231.
ومن يقرأ بين سطور ما تحدث به بومبيو أثناء زيارته إلى بغداد، يجد أنه يعزف على نفس أوتار طبول الحرب التي يعزف عليها مستشار بلاده للأمن القومي جون بولتون، وهو يسعى من خلال هذه الزيارة المشبوهة إلى تلغيم علاقات الجوار والصداقة الوطيدة التي تربط بين البلدين العراق وإيران الشريكين في محاربة الإرهاب، خاصة وأن زيارته جاءت مترافقة مع زيارة حاملة الطائرات الأميركية «أبراهام لنكولن» للمنطقة، والتي تحمل أعتى القاذفات في العالم ومعها مجموعة من السفن الهجومية الأخرى، والتي تعد بمجملها رسالة عدوانية لإيران وللمنطقة ككل.
وفي خضم تصاعد حدة السُعار الأميركي الذي يُعد الرئيس دونالد ترامب رأس حربته، يقف العالم اليوم أمام مفترق طرق، فإما الانزلاق نحو حروب ومواجهة لا أحد يعرف كيف يمكن أن تنتهي، وإما العودة لصوت العقل والابتعاد عن سياسة البلطجة والتهديد التي ما انفك يوزع بها ترامب بكل الاتجاهات من إيران إلى فنزويلا، مروراً بسورية وكوبا وكوريا الديمقراطية، وليس آخراً الصين أكبر شركائه التجاريين، والتي يشن عليها حرباً تجارية شعواء منذ العام الماضي.
وأمام هذه اللوثة التي تسيطر على تفكير تاجر البيت الأبيض، يجب على المجتمع الدولي أن يكون يقظاً للحفاظ على مكانة القانون الدولي ومبادئ الأمم المتحدة كناظم للعلاقات الدولية، وأن يقف وقفة صادقة قبل فوات الأوان في وجه المخاطر التي يمثلها ترامب وأفراد طاقمه السياسي والعسكري على السلم والأمن الدوليين.
حدث وتعليق
راغب العطية
التاريخ: الخميس 9-5-2019
رقم العدد : 16973