هو سبات شتوي تمر فيه المراكز الثقافية في ريف دمشق البالغ عددها 62 من أصل 132 مركزاً، فلا قاعات مكيفة عند معظمها « لاصيفاً ولا شتاءً ولا مؤهلات خدمية كما يلزم، أما الحضور الخجول فحدث ولا حرج.
وفي ذات الوقت لا نستطيع أن نظلم مضمون المحاضرات ولا حتى إدارة المراكز إذا على من يقع اللوم في تراجع عمل المراكز الثقافية؟!
يحمّل مدير ثقافة ريف دمشق غالب الزغبي المسؤولية على عاتق رؤساء المراكز ويلقي اللوم عليهم في أي ترهل أو حتى تقصير، فبالنسبة له العمل ضمن الامكانيات المتاحة هو شيء في غاية الأهمية لاسيما في ظل الأوضاع الراهنة، وهو ما تقوم به مديريات الثقافة ضمن المراكز التي تعمل وأنها لا تقصر في أي موافقة لإتمام أي عمل ثقافي أو تعليمي أو تربوي من وجهة نظره.
في حين كانت آراء رؤساء المراكز الثقافية في ريف دمشق متفاوتة, رئيسة ثقافي الأشرفية لما سلامة توضح أن عملها يفوق الامكانيات المتاحة، وإن مساعدة أصدقاء المركز وتقديمهم الدعم المادي والمعنوي هو من نشط الحالة الثقافية في المركز وجعله يتميز عن غيره برأيها، لأن العمل الوظيفي في المراكز بات معظمها «تكية» لكل من يختار عملاً مريحاً ليس له علاقة بالعمل الثقافي وأن الفكرة الشائعة «إن المراكز لا عمل فيها وأوقات الدوام قصيرة» بحسب سلامة.
مطالبة ببناء مستقل للمركز وميزانية مستقلة ورفع أجور المحاضرات وتخصيص مبالغ للنشاطات الموسيقية والمسرحية كتجهيز مسارح المراكز الثقافية.
وتتساءل سلامة كغيرها من رؤساء المراكز الثقافية أو حتى المحاضرين: أيعقل أن أجرة الدكتور المحاضر 1800 قبل الضريبة والمحاضر 1500 والأمسية الأدبية والشعرية 1200 ليرة فقط لا غير، والضريبة 10 بالمئة.
يوافقها الرأي الشاعر فرحان الخطيب متسائلاَ: ما دور وزارة الثقافة في تأمين وصول واستقبال المثقف الذي عاش الأزمة في مراكزها الثقافية، رافداً القول: إنه دور لا تتحمل فيه ولو النزر اليسير من تكلفة أجور السفر والوصول إلى المركز، ورغم مضاعفة الأسعار في كل شيء إلا أن وزارة الثقافة لم تزد مكافأة الضيف على المركز، فهل يعقل أن يتقاضي المحاضر ألف ليرة سورية لا غير؟!
وعند طرح هذه الإشكاليات على مدير ثقافة ريف دمشق غالب الزغبي أبدى تجاوبه وتعاطفه منوهاً أن كل هذه التفاصيل ستتم معالجتها خلال وقت قصير لاسيما أنهم كمديرية بذلوا جهوداً لتغيير ما يمكن تغييره، كرفع أجور المحاضرين، وحل مشكلة البناء المستقل مبيناً أن معظم المراكز الثقافية غير مستقلة فإما بغرفة في بناء مجلس البلدية وإما غرفة في قبو، في حين قامت الوزارة من باب تشجيع الحركة الثقافية بتأجير المدرجات الموجودة في بعض المراكز بقيمة عشرين ألف تقريبا ويعود المبلغ إلى الخزينة العامة، كي يتسنى القيام بجميع الأنشطة الطلابية والحزبية والتربوية وغيرها.
بينما ركزت مديرة ثقافي صحنايا /سماح سلامة/ على المضمون الثقافي حيث تجد أن الحركة الثقافية في أوجها وهي لا تزال ترفع المستوى المعرفي والتنويري في الوسط الاجتماعي وأن عمل المركز هو رفد الثقافة مع هذا الوسط، فالمضمون الثقافي الذي تقدمه المراكز الثقافية على منابرها اتجه نحو اعادة بناء فكر الإنسان وتقبل الآخر والحوار ومحاربة التطرف الديني بكل أطيافه وأشكاله وفقاً للزغبي.
وعلينا الاعتراف أن أوضاع المراكز قبل الحرب لم تكن أفضل، بل أصبحت الحرب شماعة نعلق عليها فشلنا، هذا أيضا رأي من يعتلي المنابر، فبنظر الشاعر فرحان الخطيب / رئيس مركز ثقافي سابق/، أن دور المثقفين في الأزمة السورية، كان دورا هامشيا لأن الثقافة لا تملك الآلية لتدافع عن الوطن، فالثقافة بنظر الخطيب ليست فرقة مسلحة لتتمترس في مكان ما وتتعامل مع الإرهابيين بالقتل والقنص، ولأن بعض المثقفين خلال الأزمة ضيّع البوصلة الوطنية وذهب باتجاهات ظنّها أنها تواكب رؤاه فانسلخ جسديا أو فكريا عن الوطن، أما البعض الآخر لم يغادر أماكنه، فامتشق المقالة والقصة والقصيدة والرواية وواكب الأزمة السورية بكل أبعادها، فخصصت عدة محاضرات لفضح شر الهجمة التكفيرية التي تتصدى لها سورية ومن هم داعموها المستفيدون منها, ولأن الشعر هو الأسرع في ترجمة الأحاسيس، كان سباقاً في رفد المراكز الثقافية الفاعلة بالقصائد النضاحة بالهم الوطني والحاضّة على التمسك بقيم الأهل بالذود عن تراب سورية الغالي والدفاع عنها، فيبقى المثقف المخلص لتراب وطنه رافعا راية الثقافة الوطنية بإصرار وتحدٍ إلى جانب بندقية جيشنا الباسل لتتوازى الكلمة مع البندقية في الدفاع عن الوطن.
يبقى طموحنا نحن متابعي النهضة الثقافية هو نشر الخطاب الحياتي اليومي المعيشي بقالب ثقافي حيوي، وأن يحافظ هذا المنبر على رواده وأن تكون أبوابه مشرعة لنور العلم ونشر الثقافة والمعرفة من خلال تسهيل الحصول على الموافقات ذات الصلة.
رنا بدري سلوم
التاريخ: الجمعة 10-5-2019
الرقم: 16974