تخطى الأداء المنافي لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي لبعض الدول الغربية تحت قبة مجلس الأمن كل الحدود، وفي ذلك دلالة أكيدة وخطيرة جداً على الاستهتار بالأمن والسلم الدوليين ومؤسسات الشرعية الدولية ودلالة على المستقبل القاتم الذي ينتظر البشرية إذا أصرت هذه الدول على اعتماد العنصرية والتمييز في تطبيق القانون الدولي.
على مدى الحرب الإرهابية على سورية تسترت بعض الدول الراعية للإرهاب بتسميات «المعارضة المسلحة والمسلحين والجيش الحر..» لدعم هذه الكيانات الإرهابية، وكانت تصور ذلك لشعوبها على أنه يصب في سياق الحرية والديمقراطية التي أضحت ذريعة جاهزة لكل الدول الاستعمارية للتدخل في شؤون الدول المستقلة.
أما اليوم فتنبري بعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن لإصدار بيان يصب في مصلحة تنظيم جبهة النصرة الإرهابي الذي وافقت على إدراجه في قوائم الأمم المتحدة لمحاربة الإرهاب دون أن تجد فيه أي حرج، فذلك مؤشر على الانحطاط السياسي الذي وصلت إليه.
إن الدول التي دعت لعقد جلسة مغلقة لمجلس الأمن حول إدلب هي واجهة وأداة ليس أكثر للدول التي تقود الحرب الإرهابية على سورية والبيان الذي طرحته وحصل على موافقة كل من واشنطن ولندن وباريس لتشويه حقيقة الوضع في إدلب يعكس تمهيد رعاة الإرهاب لشن حملة إعلامية دعائية قذرة عبر الأجراء لحماية النسخة الجديدة من تنظيم القاعدة في مدينة إدلب.
ليس الغريب أن رعاة الإرهاب يرفضون الاعتراف بأن مجموعات إرهابية تابعة لتنظيم «جبهة النصرة» الإرهابي هي الآمر الناهي في المنطقة، وإنما تجاهلهم المفضوح لإعلان جبهة النصرة ذلك.
من المعروف أن هذه الدول تستثمر الإرهاب سياسياً واقتصادياً وأمنياً، ولكن أن يصل الانفصام في شخصيتها إلى حد رفض أو تجاهل قرار دولي وافقت وبصمت عليه وهو إدراج النصرة في القوائم الإرهابية الدولية، فذلك مؤشر على انحطاط ما بحجة انحطاط في الفكر السياسي والقانوني.
مع الأسف إن هذه الدول لا تريد أن ترى أو تسمع أو تناقش إلا ما يخدم ما تبقى من أجندتها العدوانية ضد سورية، وهي تعيش حالة تناقض مصلحي فظيع وخطير وقذر، حيث من جهة تقبض على الإرهابيين في بلادها ومنهم ما ينتمي إلى «جبهة النصرة» بينما تدافع عنهم في سورية وغيرها، وترفض استقبالهم بعد هزيمتهم والمثال الصارخ على ذلك بلجيكا، إحدى الدول التي ساهمت بإعداد البيان حول إدلب الذي عرقلته روسيا في مجلس الأمن، والتي رفضت استقبال الإرهابيين البلجيكيين من تنظيم داعش من بعد هزيمتهم في سورية والعراق.
إن تدويل سياسة المعايير المزدوجة الذي تكرس في التكتلات السياسية والمؤتمرات التي أشرفت عليها الولايات المتحدة من أجل دعم الحرب الإرهابية على سورية، لم يعد مقتصراً على التجمعات الدولية، بل أصبح واقعاً داخل مجلس، ويتجلى في استماتة بعض الدول الغربية على حماية بؤرة «النصرة « الإرهابية في إدلب، على الرغم من خطورة ذلك على الأمن والاستقرار العالمي.
لقد تجاهل البيان المقدم إلى مجلس الأمن بشكل متعمد رفض الإرهابيين تنفيذ مخرجات قمة سوتشي بين الرئيسين الروسي والتركي وقيام هؤلاء الإرهابيين يومياً باستهداف التجمعات المدنية في ريف حماة وحق الدولة السورية وفقاً للقانون الدولي بالقضاء على الإرهاب في إدلب، وحاولوا تغليف تقريرهم بالحالة الإنسانية، بينما الهدف الأساسي هو حماية تنظيم جبهة النصرة الإرهابي.
معاً على الطريق
أحمد ضوا
التاريخ: الأحد 12-5-2019
رقم العدد : 16975
السابق
التالي