الموت القاهر

 

 

 

ربما للحظة التي بدأت أكتب فيها هذه السطور، لم يكن يدور في ذهني أني سوف أسير بهذا النحو، بل كان الاتجاه لفكرة أخرى مغايرة تماما، يباس وتصحر بمكان ما، لكن خبرا صادما أرقني، كما أخبار أيامنا كلها، فلم يعد ثمة بصيص أمل، بل ربما إذا ما جاءنا خبر فيه نسائم فرح نسارع إلى طرده من شريط الاستخدام الآني فكيف بالذاكرة التي يجب أن يتمترس بها، في هذا الحزن السرمدي الكاسر والجاثم على صدورنا بفعل ما أعده لنا أشقاء العروبة ومن كنا نجوع ونعطش من أجلهم.
نعم، ليس الفرح مهنتنا، بالاعتذار من صاحب ديوان (الفرح ليس مهنتي) الفرح صار تاريخا، وما أكثر ما كانت الأمهات المجبولات بالحزن والقهر وفراق الأحبة، إذا ضحكنا يرددن (اللهم جعله خيرا) كأن وراء كل بسمة خبرا محزنا، في موكب الموت المجاني المعشش فوق رؤوسنا جميعا، يقهرك موت الشباب، يكسرك حد الفجيعة أن تسمع كل لحظة خبرا من هنا وهناك، كل شيء ضاغط قاهر، من يظن أننا أسوياء لدرجة كبيرة، فلا شك أنه غير سوي البتة، نعمل ونحاسب طلابنا وأبناءنا وكأننا هيأنا لهم أفضل وأنقى الظروف وأكثرها راحة لهم، أطفال بعمر الورد والندى هم على طاولات التشريح وسياط الامتحانات، ومناهج لو كان معلومنا عباقرة لما استطاعوا أن يفكوا شيفراتها، بل إن بعض المؤلفين، هم أكثر جهلا بما وضعوه.
الامتحانات على الأبواب، كلّ منا يريد ابنه طبيبا، أو مهندسا، ليلا نهارا يعسكر قربه، يضعه في سجن مغلق، وهذا مدرس يتاجر بكل شيء، واقع مؤام، ضغوطات نفسية على الأسرة والطلاب من كل حدب وصوب، فما العمل؟
وفوق هذا وذاك ما يحيط بنا والنتيجة التي نسمعها: توفي الشاب فلان بجلطة قلبية، نعم بجلطة قلبية، شباب بعمر الورد يخطفهم الموت نتيجة الضغط والقهر، وكم يؤلمك أن تسمع هذه الأخبار من كل محافظة سورية، الخناق يشتد ويشتد وضغط متراكم يترك، بل ينشب مخالبه ليس بالأجساد فقط ويرسم مجرى عميقا على الملامح، بل يصل الدم والشرايين، ولم يكن بعيدا عن الحقيقة القول: نشف الدم في عروقه).
نعم، نشف وتجمد، فمن يبحث عن حل، المشهد معقد حد قول بعضهم: نياله مات واستراح، هل نقف لحظة ونتأمل التالي: أب يعمل ليلا نهارا، يقف على دور الخبز ساعات، ينتظر الغاز، يبحث عن مدرس خصوصي يكون (ابن حلال ) الساعة الواحدة هذه الأيام بأقل من 6000 لايوجد، يعود إلى البيت، منكسر الخاطر منهك القوى وتأتيك فواتير الماء والكهرباء، وغير الانتظار مشرشحا على قارعة الطريق بانتظار وسيلة نقل، وبعد هل نذهب بالمشهد أكثر..
أيها السادة: شبابنا أملنا، يومنا، غدنا، لنخفف قليلا عنهم، ثمة ما تتحمله وزارة التربية والتعليم، وجنون المجتمع المغرم بالألقاب (طبيب ومهندس) ليتحولوا إلى جباة أموال، رفقا بهم، رفقا بنا، لن نقول: ما أرحمك أيها الموت، بل ما ،بعدكم عنا أنتم يا من.
ديب علي حسن

التاريخ: الجمعة 17-5-2019
رقم العدد : 16980

آخر الأخبار
ريال مدريد يفتتح موسمه بفوز صعب  فرق الدفاع المدني تواصل عمليات إزالة الأنقاض في معرة النعمان محافظ إدلب يستقبل السفير الباكستاني لبحث سبل التعاون المشترك ويزوران مدينة سراقب رياض الصيرفي لـ"الثورة": الماكينة الحكومية بدأت بإصدار قراراتها الداعمة للصناعة "نسر حجري أثري" يرى النور بفضل يقظة أهالي منبج صلاح يُهيمن على جوائز الموسم في إنكلترا شفونتيك تستعيد وصافة التصنيف العالمي الأطفال المختفون في سوريا… ملف عدالة مؤجل ومسؤولية دولية ثقيلة مبنى سياحة دمشق معروض للاستثمار السياحي بطابع تراثي  "السياحة": تحديث قطاع الضيافة وإدخاله ضمن المعايير الدولية الرقمية  فلاشينغ ميدوز (2025).. شكل جديد ومواجهات قوية ستراسبورغ الفرنسي يكتب التاريخ اهتمام تركي كبير لتعزيز العلاقات مع سوريا في مختلف المجالات الساحل السوري.. السياحة في عين الاقتصاد والاستثمار مرحلة جامعية جديدة.. قرارات تلامس هموم الطلاب وتفتح أبواب العدالة تسهيلات للعبور إلى بلدهم.. "لا إذن مسبقاً" للسوريين المقيمين في تركيا مرسوم رئاسي يعفي الكهرباء من 21,5 بالمئة من الرسوم ..وزير المالية: خطوة نوعية لتعزيز تنافسية الصناعي... لقاء سوري ـ إسرائيلي في باريس.. اختبار أول لمسار علني جديد تركيب وصيانة مراكز تحويل كهربائية في القنيطرة زيارة وفد الكونغرس الأميركي إلى دمشق… تحول لافت في مقاربة واشنطن للملف السوري