لم تتخل الولايات المتحدة يوماً عن العزف على وتر الإرهاب بأشكاله المختلفة، وكلما هزم ذاك الإرهاب في الميدان، أو فشلت واشنطن باستثماره وتوظيفه في السياسة، تلجأ مجدداً للسيناريو (الكيميائي) الذي تستخدمه كحصان طروادة، من أجل الحفاظ على إرهابييها على الأرض، و استمرار احتلالها لأجزاء من الأراضي العربية السورية، وهي تلجأ لأسلوب الكذب اليوم على أمل أن يصبح الكذب المتكرر مسألة قابلة للتصديق، ولكنها باتت مكشوفة ومفضوحة، وحتى الإعلام الغربي نفسه بات يعري كل تلك المزاعم بناءً على دلائل حقيقية بعيدة عن التضليل والتزييف.
أميركا باعتبارها رأس الحربة التي تدير دفة العدوان، تتشبث باستراتيجيتها القذرة التي تعتمد على إطالة أمد الحرب على سورية، وهو ما أقر به العديد من المسؤولين الأميركيين، ولذلك تستمر بتجنيد أذرعها للعمل على تكريس واقع الحرب المفروضة على الشعب السوري، ومحاولة الترويج لكذبة (الكيميائي) اليوم تعكس نيات رعاة الإرهاب بتنفيذ هجمات كيميائية محتملة لمنع الجيش العربي السوري من استكمال حربه على التنظيمات الإرهابية، خاصة وأن الكثير من المعلومات تتواتر تباعاً حول استعداد إرهابيي النصرة و(الخوذ البيضاء) للقيام بتلك الهجمات في منطقة خفض التصعيد، بإشراف خبراء فرنسيين وبلجيك وغيرهم، لإيجاد ذريعة تبرر أي عدوان أميركي بريطاني فرنسي جديد.
منذ ابتداع كذبة (الكيميائي) وحتى الآن لم يوجد أي دليل يشير من قريب أو بعيد إلى استخدام الجيش العربي السوري أي سلاح كيميائي، سواء في السابق أو اليوم، خاصة وأن سورية لا تمتلك بالأصل لمثل تلك الأسلحة، فيما كل الأدلة والوقائع على الأرض، تؤكد بشكل قاطع بأن الإرهابيين المدعومين من أميركا والغرب هم من استخدموا الأسلحة الكيميائية مرات عديدة، والكثير من التقارير تثبت أنهم يمتلكون مثل تلك الأسلحة، التي زودتهم بها أميركا وتركيا وبريطانيا وغيرها من الدول الراعية لهم، ولكن منظومة العدوان كانت تلجأ دائماً لتزييف الحقائق للتستر على جرائم الإرهابيين، واتهام الجيش العربي السوري زوراً وبهتاناً.
منظمة حظر الأسلحة الكيميائية التي حولتها أميركا وأدواتها في الغرب إلى أداة لتحقيق أطماعها الاستعمارية، حتى الآن تلعب الدور المكمل لشرعنة جرائم الإرهابيين وتبرئتهم، عبر إصرارها على تزييف الحقائق، والتكتم على الكثير من التقارير التي خلص إليها المحققون وتشير في مجملها إلى أن الإرهابيين يتحملون مسؤولية الهجمات المزعومة في السابق، وهذا إن دل على شيء، فإنه يؤكد مجدداً على أن منظومة العدوان بجميع أقطابها وأدواتها، لن تكف أبداً عن استحضار المزيد من الفبركات والأكاذيب للضغط على الدولة السورية، ولكن في المقابل فإن تلك الضغوط لن تثني سورية قيد أنملة عن استكمال حربها ضد الإرهاب حتى اجتثاثه من جذوره.
ناصر منذر
التاريخ: الأربعاء 22-5-2019
الرقم: 16983