نلاحظ بشكل مستمر خلال فترة الصيام في أماكن العمل والأسواق في كل الأوقات عبارة تتكرر مراراً على مسامعنا وهي (اللهم إني صائم) ومن يقولها سواء أكان قريبا أم بعيداً يكون على الأغلب على شفا شعرة من الانفجار أو أدنى بقليل.. والسبب في ذلك إما سائقو التاكسي الذين تتاح لهم فرصة أن يحصلوا في هذا الشهر الكريم على ما يريدون من نقود، جراء توصيله قدمها لزبون ما، وهو صائم وكأنه يجعلنا نشعر أنه كسائق للتاكسي عليه بالراحة والاستجمام في هذا الشهر الكريم ونحن من دفعنا به إلى التاكسي لكي يعمل ونزعنا عليه خلوته فلا أحد يجرؤ على مناقشته ولا سؤاله عن سبب طلبه لهذه الأجرة المرتفعة.
لكن إن تشجعت وسألته فإنك ستسمع موشحاً طويلاً لا يكاد ينتهي يبدأ عن الأسعار والغلاء والإيجارات المرتفعة وزيت السيارات واختفاء البنزين في الكازيات والتصليحات التي لم تعد ترحمهم، وكذلك شرطة المرور التي على حد قوله إنهم يبتزونهم وفي حديثه هذا كله نجده مشحوناً لدرجة الانفجار مع تمتمة بعض كلمات غير مفهومة إلا أنه وبعد كل هذا نجده يختمها بقوله اللهم إني صائم..
كذلك بعض الآباء في المنازل نجدهم متشنجين متوترين لا أحد يجرؤ على الاقتراب منهم أو محادثتهم ولا مجادلتهم بأي أمر كان ولو حتى بسيطاً وذلك بسبب عدم تزويدهم وشحنهم بالنيكوتين والتدخين الذي يشحنون به أنفسهم في بقية الأيام العادية.
وبالتالي ما إن يقترب أحد أبنائه منه ويطلب مساعدته في حل حتى يقع الغضب الكبير في المنزل والصراخ والتعصيب ونشر حالة من الرهاب في الجو ونجده بعد كل هذا الخوف الذي بثه في المنزل يتوقف لبرهة ويتذكر أنه في شهر رمضان فيقول اللهم إني صائم.
أيضاً الأولاد الصائمون وعندهم دراسة نجدهم في المنزل متوترين من أي شيء ونجدهم يعصبون من أي شيء ومن كل شيء فلا يعرفون كيف سيدرسون والامتحانات على الأبواب ولا يعملون شيئاً في البيت سوى التململ فلا مساعدة لوالدتهم ولا دراسة إلى أن يحين وقت الإفطار ونجد البعض يختلق المشكلات والحجج لرفضهم وتعصيبهم من المهام المنزلية والواجبات الدراسية وفي لحظة يعون لأنفسهم ويراجعونها لبرهة فيتذكرون صيامهم ويرددون اللهم إني صائم..
ولربة المنزل نصيب من عادات وتقاليد هذا الشهر الفضيل فهي التي تمتص كل هذه التشنجات والتوترات وتقوم بكامل عملها على أكمل وجه من تحضير للإفطار والسحور وتدريس الأولاد ومتابعة أمور المنزل من تسوق وتنظيف وترتيب بالإضافة إلى عملها خارج المنزل هذا إن كانت موظفة فإنه يزيد عليها مهمة إضافية إلى مهامها الأسرية وغيرها ونجد بعض ربات البيوت في فترة الصيام من كثرة الأعباء والضغوط كطنجرة الضغط التي تكاد تنفجر بوجه كل من يقترب منها سواء بعملها داخل أم خارج منزلها لذلك عليه أن يكون حذراً وعلى الأبناء في نهاية النهار وعند الاقتراب من الإفطار أن يختاروا كلماتهم وأسئلتهم بدقة متناهية تجاه أمهاتهم ويبادروا إلى مساعدتهن في أعمال المنزل ربما ذلك يشفع لهم عندها.
فنجد بشكل عام الأجواء الرمضانية عند البعض مشحونة متوترة ومع ذلك كله نجد العديد من الأسر والأفراد متوافقة تماماً في ممارسة طقوس الشهر الكريم من سمو في الأخلاق وتكافل في الحياة وتسارع لعمل الخير ومساعدة المحتاجين وقيامهم بالفروض المطلوبة التي يتحلى بها هذا الشهر الفضيل من خير وفضائل سامية جميلة التي تبعث في نفوسنا الخير والأمان والاطمئنان والنقاوة والصفاء.
ميساء العجي
التاريخ: الأحد 26-5-2019
الرقم: 16986