ليس تقرير اتحاد غرف التجارة السورية السنوي – الصادر منذ أيام – أقلّ تفاؤلاً من تقرير غرفة تجارة دمشق، التي تنبّأت بانخفاض الأسعار، وارتفاع سعر صرف الليرة، وتحسين الحياة المعيشية للناس، على إيقاع انتصارات الجيش العربي السوري، واستعادة مساحات واسعة من الأراضي إلى سيادة الدولة، ما أتاح انتعاش الكثير من الأنشطة الاقتصادية الزراعية والصناعية والنفطية والتجارية.
أما اتحاد الغرف فاعتبر أن العام الماضي 2018 هو عام استمرار صمود الاقتصاد السوري في وجه العقوبات والحصار الاقتصادي الجائر، وعام بدء الشراكة التنموية مع القطاع الخاص، وأبدى في الواقع تفاؤلاً كبيراً واضحاً، وكان من المفاجئ توصيفه للواقع الاقتصادي السوري، الذي نأمل ألا يكون ذلك مجرد استعراضٍ دعائي، لأن النغمة التي يطلقها التقرير لم نعتد عليها – من قبل – أن تأتي من عمق قطاع الأعمال كثير الشكوى والمطالب عادةً، ولكن التقرير يقول اليوم:
الاقتصاد السوري وبفعل امتلاكه لمكامن قوة وأرضية متنوعة ومتعددة المصادر كونه اقتصاداً حقيقياً فقد استطاع تفعيل قوة حركة التصنيع في أغلب المدن الصناعية الرئيسية واستعادة الزراعة مكانتها إضافة لاستمرار التجارتين الداخلية والخارجية وتسهيل استيراد وتصدير السلع وتأمين انسيابها في الأسواق المحلية كل ذلك أدى لحدوث تماسك واضح لبيئة الاقتصاد السوري حماه من الانهيار.
الكلام صحيح ودقيق بالفعل، وهذا ما حصل ويحصل، ولكن أن يأتي هذا الكلام من هذا المنبر الاقتصادي المهم فهنا مكمن الارتياح الذي يجعلنا نتلمّس الموقف المجدول بين ما يراه قطاع الأعمال، وما تراه الحكومة، فثمة تقارب كبير بين التوجهات والقناعات، نرجو أن يكون بالفعل وعلى الأرض، وليس مجرد كلامٍ عابر.
الشيء المريح الآخر الذي أتى به اتحاد غرف التجارة، والذي يشير إلى جديّة ما ذهب إليه، يتمثل بتحديده مسؤوليات وتحديات على شكل مهامٍ ألزم نفسه بها، حيث أشار إلى أن مهام القطاع الخاص السوري في مرحلة التعافي والانتعاش، تحدّد بالمشاركة في تحقيق زيادة الناتج المحلي الإجمالي وزيادة مشاركته في الادخار والاستثمار والمساهمة في زيادة الصادرات المصنعة وخلق فرص عمل جديدة لمعالجة مشكلة البطالة المتفاقمة والمساهمة في رفع مستوى الدخل الفردي من خلال التشغيل ورفع القدرة التنافسية للقطاعات الاقتصادية الرئيسية والمشاركة في معالجة احتياجات السكن والصحة والتعليم والبنية التحتية وخلق مناطق تنموية على مستوى سورية بما يحقق أهداف التنمية المستدامة.
هذا كله سيعمل عليه قطاع الأعمال.. شيءٌ ما.. يُثلج الصدر.. ولكن هل سيحصل فعلاً..؟ أم انّ هذه التطلعات ستبقى مجرّد (كليشة) تُرمى كالحبر على الورق..؟ على كل حال نأملُ خيراً، ويبقى الواقع هو الحدّ الفاصل الذي تقف عنده الحكايات كلها.
علي محمود جديد
التاريخ: الأثنين 27-5-2019
رقم العدد : 16987