آليّة جديدة للدفع بالقطاع العام نحو مزيد من المرونة والصلاحيات.. شركة ألبان حمص تفتتح في الشهر المقبل خطاً لجبنة المثلثات المطبوخة وتربح 250 مليوناً من بداية العام

أبدى رئيس مجلس الوزراء المهندس عماد خميس استغرابه من بعض الوزراء والمحافظين عندما يقومون بإرسال كتب إلى رئاسة مجلس الوزراء يطلبون فيها الموافقة لهم على اتخاذ قرار معيّن، أو على القيام بإجراءات هي أصلاً من صلبِ أعمالهم ومن ضمن صلاحياتهم..!
ونوّه المهندس خميس في اجتماعٍ عقد الخميس الماضي لمناقشة أوضاع وخطط وإنتاج المؤسسة العامة للصناعات الغذائية، أنّ كل واحد يجب أن يأخذ دوره، وعلينا أن نتكلّم بشفافيّة لتفادي السلبيات، كما أن القوانين والأنظمة يجب أن تكون مُستوعبة جيداً، والأخذ بها، والتأكد فيما إن كانت تعرقل فعلاً أم أننا لا نعلم مضمونها.
وسأل رئيس الوزراء: هل قام أحدكم يوماً كمديرين عامين ووزراء بمخاطبتنا بالقول بأن الأمر الفلاني يحتاج إلى تشريع أو تعليمات معينة لأن وجوده يؤدي إلى أرباح بحدود 400 مليون ليرة، وتعديله يرفع هذه الأرباح إلى 600 مليون ليرة، ونحمّلكم المسؤولية كحكومة عن هذه الخسائر إن لم يحصل هذا التعديل..؟ أنا لم ألحظ أن أحداً خاطبني بهذه الطريقة – يقول رئيس الحكومة – فالأنظمة والقوانين هي من أجل ضبط وتسهيل الأعمال، وليست من أجل تعقيدها.
رئيس مجلس الوزراء حاول خلال هذا اللقاء وضع فرضيات معينة لاستنباط الأفكار التي يمكن أن تساهم في الوصول إلى القيادة الإدارية الأسلم، وقد برز هذا عندما سأل المدير العام لشركة ألبان حمص سؤالاً وجيهاً ومفاجئاً: هل أنت راضٍ عن الشركة وعن أدائها وأرباحها وإنتاجها وقوانينها..؟ هل أنت راضٍ عن العمل والعمالة والفساد والتطوير وكل ما يجري حول هذه الشركة.. هل أنت راضٍ بذلك فيما لو كانت هذه الشركة ملكاً شخصياً لك..؟
أجاب مدير عام ألبان حمص: لا.. لستُ راضياً.
قال رئيس الحكومة: طيّب.. فما الحل إذن..؟
مدير الألبان أشار إلى قيام الشركة حالياً بتنفيذ خطة تطوير، وهي تحقق أرباحاً عالية، ولكني لو كنت قطاعاً خاصاً لكنت استطعت تأمين مستلزمات الإنتاج بسهولة أكثر، وبأسعار أقل، فمثلاً عندما أريد تأمين مواد التعبئة والتغليف فلا يمكنني ذلك إلا عن طريق المناقصات، وهذا أمر يساهم بتآكل الأرباح.
ومن حيث التسويق لو أنني أمتلك هذه الشركة – يقول مدير ألبان حمص – لكنت اشتريت سيارات مُبرّدة أستخدمها في توزيع المنتجات، وكان لديّ هامش للتشجيع على التسويق، كأن أمنح الوكلاء وباعة الجملة والمفرق نسبة مجانية لهم من الإنتاج، لتبقى سوية التسويق لمنتجاتي عالية، ولو كنت أمتلك هذه الشركة كنت كل خمس سنوات أقوم بتحديث خطوط الإنتاج بحيث أطرح منتجات بأمبلاجات جديدة، فهذا الأمر يشدّ انتباه المستهلكين وبما يواكب رغباتهم، وهذا شيء لا يمكن أن يحصل عندنا في الظروف الحالية على الأقل، لأننا نحاول ضغط النفقات بأي شكل، فنعمل ضمن الإمكانيات، ومع هذا نحاول قدر الإمكان تحديث البُنى التحتية للشركة، فمثلاً قمنا مؤخراً بتركيب خط جديد لإنتاج الجبنة المطبوخة والمغلفة على شكل مثلثات، ومثل هذا الخط ليس موجوداً حتى الآن في كل سورية، والشهر القادم سيبدأ الإنتاج، وهذا الخط يحتاج إلى قواعد تكنولوجية خاصة، وسنقوم بها بجهود ذاتية، كما نقوم بإنتاج الحليب المنكّه، فأنا أسعى لمنافسة القطاع الخاص ضمن إمكانياتنا، ولكن لو كان عندي مرونة بتجديد خطوط الإنتاج والأمبلاج وبالتسويق لكان الأمر مختلفاً، ولو أنني أتمكّن لأقمتُ منافذ لبيع منتجات الشركة في كل المحافظات، مراكز للبيع بالجملة، ونصف الجملة والمفرق، ولكن نعمل ضمن الإمكانات المتاحة والقوانين المطبقة، صحيح أنني أنفّذ الخطة الإنتاجية والتسويقية 100 % وأحقق الأرباح، وخلال الثلاث سنوات الماضية حققت الشركة قفزات كبيرة دون أن تطلب أي مساعدات ولا قروض من المالية نهائياً، وإنما من أرباح الشركة قمنا بهذا التطوير، ومن أول العام وحتى الآن أرباحنا وصلت إلى /250/ مليون ليرة، أي ستصل عند نهاية العام إلى /500/ مليون، وحالياً وضعنا خطة استثمارية لنهاية العام 2020
بعد الانتهاء من هذا العرض، والإجابة على السؤال، بدا المشهد وكأنّ أحداً لم يكن متوقعاً أن يسمع مثل هذه الإجابات الصريحة والمحبوكة بشكلٍ جيد من مدير شركة ألبان حمص، حتى أن السيد رئيس مجلس الوزراء لم يخفِ إعجابه بما سمع ولو بشكلٍ غير مباشر عندما وجّه عتاباً لعدم إبراز هذه الخطوات الجيدة لشركة ألبان حمص من خلال الإعلام..؟ مشيراً إلى ضرورة أن نضع الناس بصورة ما يحصل من مثل هذه الخطوات التي تستحق تسليط الضوء عليها.
وعاد رئيس الحكومة إلى صلب الموضوع ليشير إلى وجود حلقة مفقودة هي التي تضع الشركات في إطار المعاناة من القوانين والأنظمة والروتين والفساد وما إلى ذلك، مبيّناً أن كل عرقلة للأعمال يجب أن تُشرح وتُفصّل وتُرفع إلى الجهات الأعلى عندما لا يكون الحل ممكناً، ولكن المؤسسة العامة للصناعات الغذائية – مثلاً – هي مؤسسة اقتصادية وتتمتع بأوسع الصلاحيات، وعليها أن تبحث بصلاحياتها وتتخذ الإجراءات المناسبة بما يتيح لها القانون ذلك، وإن كان هناك إجراءات ضرورية ومفيدة ولكنها غير مُغطاة بالقانون اعلمونا عنها، وقولوا لنا هذا التشريع يجب أن يُعدّل هنا أو هناك.
لعلّ هذه هي الحلقة المفقودة التي لمسها رئيس الوزراء، فقصة القوانين التي تقيّد حركة ومرونة القطاع العام تكمن بالنصوص القانونية التي لا يمكن تجاوزها، وإن حصل التجاوز فأجهزة الرقابة بالمرصاد، ولكن يبدو أن أحداً لا يصرّح عن تلك النصوص بشكلٍ محدد، فيصير الحديث بالعموميات دون تحديد نقاط معينة، وفي الواقع فإن هذه الرؤية ربما تتحوّل إلى آليّة جديدة ومجدية يضعها اليوم رئيس الوزراء أمام الشركات والمؤسسات وأمام الوزارات أيضاً، لتأخذ بها وتقوم بعد اليوم بتحديد نقاط معينة يمكن العمل عليها وتجاوزها إن استطاعت هذه الشركة أو المؤسسة أن تُعبّر بشكلٍ صحيح ومُقنع وتُظهر الجدوى من تعديل تلك النقاط، ولا سيما أن رئيس الوزراء كان واضحاً بالقول بأن القطاع الصناعي يجب أن يُدخل مئات المليارات لاستثمارها في التنمية، ولن نسمح بعد اليوم إلاّ باستثمار كل ذرّة من إمكاناته الماديّة، وكل ثغرة تُعرقل هذا القطاع سنقوم بإغلاقها، فنحن بحاجة لاستثمار كل طاقاتنا الممكنة، وكل ليرة سورية في ظل نقص الموارد.
هل يمكن لهذه الآليّة الجديدة أن تُشكّل انفراجاً حقيقياً طال انتظاره أمام القطاع العام..؟ في الحقيقة رغم أننا نستبعد ذلك ولكنها بالنهاية فرصة حقيقيّة وممكنة التطبيق، فما على الشركات والمؤسسات سوى تحديد النقاط والجوانب القانونية التي تعرقل إنتاجها وحيويتها ومرونتها وأرباحها لتتحد توجهاتها مع التوجهات الحكومية في استثمار كل ذرة من الإمكانات المادية وكل ليرة، فهذا الكلام يحرّض إيجابياً على الكشف عن تلك النقاط، وعدم الاكتفاء بالتألّم على وجودها، على الرغم من أن شركات ومؤسسات القطاع العام وعلى مدى السنين كانت دائماً تشير في تقاريرها السنوية والنصف سنوية – وكنّا نقف عندها دائماً – إلى تلك العقبات القانونية التي تحد كثيراً من المرونة في أعمالها.. ولكن لا بأس فهذا صار خلفنا، وسنرى بعد اليوم ماذا سيحلّ بالقطاع العام ..؟ فالكرة في ملعبك أيها القطاع.

دمشق – الثورة:
التاريخ: الاثنين 3-6-2019
الرقم: 16992

 

 

 

 

آخر الأخبار
سرقة 5 محولات كهربائية تتسبب بقطع التيار عن أحياء في دير الزور "دا . عش" وضرب أمننا.. التوقيت والهدف الشرع يلتقي ميقاتي: سوريا ستكون على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين إعلاميو اللاذقية لـ"الثورة": نطمح لإعلام صادق وحر.. وأن نكون صوت المواطن من السعودية.. توزيع 700 حصة إغاثية في أم المياذن بدرعا "The Intercept": البحث في وثائق انتهاكات سجون نظام الأسد انخفاض أسعار اللحوم الحمراء في القنيطرة "UN News": سوريا.. من الظلام إلى النور كي يلتقط اقتصادنا المحاصر أنفاسه.. هل ترفع العقوبات الغربية قريباً؟ إحباط محاولة داعش تفجير مقام السيدة زينب.. مزيد من اليقظة استمرار إزالة التعديات على الأملاك العامة في دمشق القائد الشرع والسيد الشيباني يستقبلان المبعوث الخاص لسلطان سلطنة عمان مهرجان لبراعم يد شعلة درعا مهلة لتسليم السلاح في قرى اللجاة المكتب القنصلي بدرعا يستأنف تصديق الوثائق  جفاف بحيرات وآلاف الآبار العشوائية في درعا.. وفساد النظام البائد السبب "عمّرها" تزين جسر الحرية بدمشق New York Times: إيران هُزمت في سوريا "الجزيرة": نظام الأسد الفاسد.. استخدم إنتاج الكبتاجون لجمع الأموال Anti war: سوريا بحاجة للقمح والوقود.. والعقوبات عائق