ملحق ثقافي.. عقبة زيدان:
يعتبر ألبير ليونار أن الأسطورة الكبرى هي أسطورة الشعر، الذي يعد الطليعة المتقدمة لكل فن، والتعبير الأكثر رفعة لكل نتاج إنساني. وقد ولدت هذه الأسطورة في سياق النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وقد ساعد بودلير كثيراً في تكوينها. ثم ومع مالارميه سيحدث الاهتزاز، وستجري ولادة تصور جديد للفن تكون مسلمته أن موضوع الفن لا يمكن أن يكون إلا الفن. وهنا تكون مهمة الشاعر التقاط جوهر تكتنفه الأسرار، ولا يتحقق وجوده إلا من خلال اللغة في حالتها الصافية.
كان غرض مالارميه هو إبداع كيمياء للكلام، لأن الجوهر عنده غير موجود خارج الكلمات. الشاعر هو ذلك الذي يحاكيه الكون، ويمسك بجمال العالم وبنوره، بواسطة اللغة. إن الهدف من الشعر هو الالتحام بالعالم. الشعر موجود في كل مكان. في حين لا يقبل بول فاليري تلميذ مالارميه كلام أستاذه، ولا ينظر إلى الشعر بأنه شيء مقدس، بل يراه تمريناً مبهجاً، إضافة إلى أن فاليري لا يؤمن بالإلهام ولا بالعفوية، ولا بالشعر باعتباره التعبير الأفضل عن الانفعالات والمشاعر.
على الشعر أن يفكر، كما يرى فاليري، وشعر الفكر هو أحد أشكال الشعر الأرفع قيمة.. يجب إبداع لغة في اللغة، أي خلق لغة من داخل اللغة، للتعبير عن الأفكار بشكل شعري لا يمكن التعبير عنه بصورة أخرى. وكما يقول فاليري: «الفكرة تسكن النثر، ولكنها تعين الشعر وتراقبه وترشده».
مالارميه شاعر كبير، وفاليري أيضاً، ومهما اختلفا، فإنهما يتفقان على أن الشعر معجزة تغير العالم، وقد غيرته بالفعل.
التاريخ11-6-2019
رقم العدد:16997