ما فشلت به الإدارة الأميركية السابقة – إدارة أوباما – أو ما امتنعت عن القيام به لجهة فصل ما يسمى «فصائل المعارضة» عن إرهابيي جبهة النصرة، وهي التي اشترت الوقت وأهدرت الكثير منه بمناورات ورهانات ومحاولات التفاف من دون جدوى، وما لم تلتفت له إدارة ترامب، لن يقوم به نظام اللص أردوغان تطبيقاً لاتفاق سوتشي، وهو النظام الذي ما زال يُماطل ويتهرّب بمقابل تمرير كل أشكال الدعم للإرهابيين المُنتشرين في محافظة إدلب وشمال مدينتي حماة وحلب.
الإشارة الواضحة، المُزدوجة، التي وجهتها دمشق وموسكو بالأمس لوجوب إنهاء واشنطن احتلالها ووجود قواتها غير الشرعي داخل الأراضي السورية، وإلى وجوب التزام نظام أردوغان بالاستحقاقات التي يَفرضها اتفاق سوتشي بالسرعة القصوى، تَرقى ربما إلى مستوى الإنذار، وقد يكون الإنذار الأخير، ذلك أن الرّد القاسي والصارم على الاعتداءات والاستفزازات الإرهابية لن يَتأخر.
إنّ محاولة واشنطن تَهيئة الأرضية مجدداً لتغذية التنظيمات الإرهابية، بالإضافة لتسريع خطوات إمداد أذرعها الميلشياوية «قسد وسواها» بالذخائر وشحنات الأسلحة، هي محاولة مَحكومة بالفشل، حالها حال كل المُحاولات التي تُسخّر فيها أدواتها الإقليمية لإفشال مسعى الحوار والحلّ السياسي، سواء تم ذلك عبر إحياء مسرحيات الكيماوي، أم عبر إعادة طرح ما صار فانتازيا لن تُقدّم شيئاً للواهمين المتوهمين بإمكانية العودة إلى المربعات الأولى.
صفحاتُ المؤامرة والعدوان التي طواها جيشنا البطل ومزّقها مع الحلفاء والأصدقاء صارت من الماضي، مُجرد ذكرى، وإن تفكير قوى العدوان بها هو انفصالٌ عن الواقع يُفاقم خيباتها، ويَصدّع الرؤوس الحامية في إدارة ترامب فضلاً عن مُلحقاتها، ذلك أن الأزمات التي تُطوّق إدارة ترامب داخلياً وخارجياً، تلك التي تَسببت بها حماقاتها، وتلك التي هي نتاج حماقات سابقتها، تُحاصرها وتَعزلها ولا تَسمح لها بمواصلة اللعب إلا إذا توافرت لديها إرادة الانتحار!.
يَتهيّأ لنظام اللص أردوغان أنه قد ينجح، وسط هذه التعقيدات التي وصل لها الوضع الدولي والإقليمي، بسياسة الابتزاز واللعب على الحبال المَشدودة بين جميع الأطراف، ومن الواضح أنه لن يَستيقظ من حالة الوهم والتضخم إلا عندما يكتشف مُتأخراً أنه سيكون أول الخاسرين في الحالتين: عندما تنتهي اللعبة ويتم جمع الحبال، أو عندما تتقطع احتراقاً بلهيب التصريحات التي تَسبق الاشتباك!.
إذا كان نظام اللص أردوغان لا يفهم لغة الإنذارات، فإن اللغة التي تَعقبها – يفهمها الجميع عادة – ستجعله يفهم لكن بعد فوات الأوان، وإذا كان يتظاهر بعدم الفهم لأن هناك من همس له بمخطط جديد، فإن الوقت لن يُسعفه لإدراك أنه تأخّر كثيراً وأساء الفهم كثيراً أيضاً، وأما إذا كان ينتظر الرد الذي يَستبعده لأوهام تُقيم برأسه، فسيَتَقَدم آنذاك بالحماقة على ترامب، سَيّده ومُشغّله!.
كتب علي نصر الله
التاريخ: الأربعاء 12-6-2019
رقم العدد : 16998