يشكل استمرار عمليات توريد الأقماح باتجاه مؤسسات الدولة صفعة جديدة بوجه من راهن على عدم إمكانية عودة الحياة الطبيعية في المناطق المحررة من الإرهاب والتي شهدت على مدى سنوات الحرب استهدافات ممنهجة لمختلف الموارد الطبيعية والبشرية، وفي مقدمتها محصول القمح العامل الاستراتيجي الأهم والأقوى في أسس الأمن الغذائي في سورية.
ولم يخلُ هذا العام أيضاً من استهدافات الإرهابيين لموسم القمح ومحاولاتهم إفشال الاستعدادات الحكومية المبكرة لاستلامه بكل يسر وسهولة من الفلاحين وبسعر مدعوم، وهنا لا بد أن نشير إلى أهمية رفع سعر الطن من القمح إلى 185 ألف ليرة، وهذا بدوره ترك أثراً مريحاً لدى الفلاحين وحرصهم على تسليم محصولهم إلى مراكز المؤسسة السورية للحبوب رغم ما تعرضوا له من تهديدات بحرق محاصيلهم من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة.
وتشهد الأيام الحالية ذروة عمليات التوريد إلى مراكز السورية للحبوب، ويسجل لصالح محافظة الحسكة الكميات الأكبر من الأقماح المستلمة، وهذا ليس جديداً على المحافظة التي تعتبر الأولى في إنتاج القمح وبهذا تستحق لقبها في أن تكون المقر الرئيسي للمؤسسة السورية للحبوب، لتأتي بعدها وبفارق بسيط كل من حماة وحلب في الكميات الموردة.
كما يسجل للحكومة ما اتخذته من إجراءات تبسيطية وتأمين وسائل النقل للمحاصيل البعيدة في إطار العمل لإنجاح عملية استلام القمح بما فيها السرعة في إيفاء الفلاحين حقوقهم بعد أن رصدت 400 مليار ليرة لهذه الغاية، وهذا ما نأمل به أن يكون برنامج عمل سنوي بنسخ محسنة في كل عام وبما يتناسب مع عودة الحياة الطبيعية لمختلف المناطق ويساهم في تعزيز الثقة المتبادلة مع مزارعي القمح.
مشهد القمح للعام الحالي يسلط الضوء على جوانب مهمة أولها الثقة – عندما توجه الفلاح السوري بخياره في تسليم محصوله نحو مؤسسات الدولة، والثاني إبراز الوجه الحقيقي للإرهاب ورعاته عندما أضرموا النار في محصول وشقاء فلاح لعام كامل يقابله قدرة وحرص الدولة على تحمل المسؤولية وتقديم الدعم للفلاحين، ومهما تكن الأرقام والقيم المادية النهائية صعوداً أو نزولاً فمحصول هذا العام (رابح).
رولا عيسى
التاريخ: الجمعة 21-6-2019
رقم العدد : 17006