مرّ المشهدُ عابراً وكأنّ شيئاً لم يكن، غير أنه ذو دلالاتٍ تحتاج إلى المزيد من الوقوف والتأمّل، والمشهد كان في رئاسة مجلس الوزراء، حيث دعا المهندس عماد خميس رئيس المجلس، أقطابَ قطاع الأعمال الخاص، من اتحادات غرف التجارة والصناعة والزراعة والسياحة، واتحاد الحرفيين، للتباحث معهم فيما نحن فاعلون تجاه الاقتصاد السوري الذي أنهكته الحرب، ولا يزال صامداً، وكل المعطيات تشير إلى استمرار صموده، فما بنته الدولة السورية على مدى 40 عاماً كان له دور بالصمود، فليس عبثاً أنه في عام 2003/ 2004/ كانت سورية رابع دولة في التنمية الاجتماعية، كما لا يوجد دولة في العالم تستطيع الصمود كما صمدت سورية بعد كل ما تمّ تدميره، ونحن اليوم بعد أكثر من ثماني سنوات من الحرب، دولة مواردها محدودة، ولسنا منهارين، كما يحاول الأعداء أن يُروّجوا.. ولن ننهار، والكثير من الدول تعاني من نقص الموارد، دول الجوار.. دول الخليج.. إيران وروسيا، ولذلك نريد اليوم أن نفعل شيئاً مختلفاً يخفف من وطأة الضغط والحصار على قاعدة التشاركية، لنكون يداً بيد، وعلى قلب رجلٍ واحد، لنتحدث بصراحة عن مكوّنات العمل الاقتصادي، فالتنمية الاقتصادية تعنينا جميعاً، وعلى رجال الأعمال مسؤوليات، والمطلوب اليوم سياسة العمل كفريق واحد، لا سياسة الترامي بالخنادق، ولن ننجح إن لم نكن متعاونين متفاهمين وتكونوا شركاء حقيقيين، شركاء في صناعة المستقبل.
لقد توصلتُ إلى قناعة بأنّ كل اتحاد منكم هو (حكومة خاصة) في قطاعه، أنتم ضعوا السياسات اللازمة والمطلوبة لاتحاداتكم وسوف تلقى التنفيذ وبكل اهتمام.
وسأل رئيس الحكومة: الواقع الاقتصادي إلى أين هو ذاهب..؟ في بداية الحرب مَرِضَ هذا الواقع.. ولكن الآن كيف يمكننا أن نعافيه..؟ فمن المفيد أن نتفاعل ونقف على ماذا يجب أن نفعل هنا.. وليس على صفحات التواصل الاجتماعي.
رئيس الحكومة أراد من قادة القطاع الخاص السوري أن يكونوا مساهمين في القرار الاقتصادي الصعب، وأن يكونوا شركاء حقيقيين في صناعته، ولكنهم بدوا وكأنهم لم يتناغموا مع هذه الفكرة، أو أنهم تفاجؤوا بها ولم يحسبوا لها حساباً، لأن أجوبتهم لم تكن بالمستوى الذي ارتقى إليه السؤال، فكل رئيس اتحاد وبعض رجال الأعمال الآخرين عبروا عن ارتياحهم لأجواء التشاركية التي تتعامل معهم الحكومة بها، ثم كانوا يكتفون بذلك لينتقل أغلبهم وسريعاً إلى حالة الشكوى والمطلبيّة، المهمة بالتأكيد، ولكنهم هكذا ذهبوا في وادٍ آخر.
كان على رجال الأعمال أن يتأمّلوا أكثر، ولكن ربما أخذتهم المفاجأة فعلاً، أو أنهم لم يقبضوا هذا الكلام، وبكل الأحوال هم مدعوون إلى لقاء قريب آخر، ومن خلاله يمكننا معرفة ما إذا كانوا قادرين فعلاً على تشكيل حكومتهم الخاصة.
علي محمود جديد
التاريخ: الاثنين 24-6-2019
الرقم: 17007