لقد أصبح (الأمن السيبراني) في ظل هذا التطور المعلوماتي والتقني الهائل سلاحاً إستراتيجياً بيد الدول الكبرى الى درجة أنه بات جزءاً لا يتجزأ من التكتيكات الحديثة للحروب والهجمات بين الدول المتحاربة، وهذا ما جعله ضرورة أمنية وحيوية للدول، ولاسيما الدول والكيانات التي ترسم طموحاتها وأحلامها على أنقاض طموحات أحلام الدول الأخرى وهذا ينطبق تماماً على الدول الاستعمارية والكيان الصهيوني بشكل خاص.
من هنا برز الأمن السيبراني كضرورة متقدمة ليس لحماية الأفراد فحسب، بل لحماية مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية والأمنية من الاختراق والهجمات الإلكترونية التي تسرق المعلومات وتخرب مخزونات الذاكرة وتعبث بها.
لقد أشارت آخر الإحصائيات العالمية إلى أن جرائم الإنترنت تكلف الاقتصاد العالمي قرابة 445 بليون دولار سنوياً، بينما يتوقع أن ترتفع إلى تريليوني دولار في العام الحالي 2019م، على حين أن الخسائر المتعلقة بالبيانات الشخصية فقط وصلت إلى 150 مليار دولار، أما عدد ضحايا الجرائم الإلكترونية فقد وصل إلى نحو 566 مليون شخص أي بمعدل 18 شخصاً في الثانية الواحدة.
أصل الكلمة:
أما أصل كلمة (سيبر) Cyber، فتعني صفة أي شيء مرتبط بثقافـــة الحواســـيب أو تقنيـــة المعلومـــات أو الواقـــع الافتراضي. فـ(السيبرانية), تعني:( فضاء الإنترنت).
من هنا فإن الفضاء السيبراني هو مجـــال عالمي داخل البيئـــة المعلوماتية، حيث يعتبر الميدان الخامـــس للحـــروب الحديثـــة بعد ميـادين الحروب البرية والجوية والبحرية والفضائية، ويتكـــون مـــن شـــبكة مســـتقلة مـــن البنـــى التحتيـــة لأنظمـــة المعلومـــات، ويتضمـــن ذلـــك الإنترنـــت وشـــبكات الاتصـــالات وأنظمة الحاســـب والمعالجات المدمجة.
ما الأمن السيبرانـي؟
الأمن السيبراني هو ممارسة الحماية على الأنظمة والشبكات والبرامج من الهجمات الرقمية التي تهدف عادةً إلى الوصول إلى المعلومات الحساسة وتغييرها أو إتلافها أو ابتزاز المال من المستخدمين أو مقاطعة العمليات التجارية، كما يمكن أن يعرف الأمن السيبراني بأنه أمن المعلومات على أجهزة وشبكات الحاسب الآلي، والعمليات والآليات التي يتم من خلالها حماية معدات الحاسب الآلي والمعلومات والخدمات مـــن أي تدخـــل غير مقصود أو غير مصرح بـــه أو تغيير أو اختلاف قد يحدث، حيث يتم اســـتخدام مجموعة من الوســـائل التقنيـــة والتنظيمية والإدارية لمنـــع الاســـتخدام غيـــر المصـــرح بـــه، ومنع ســـوء الاســـتغلال واســـتعادة المعلومـــات الإلكترونيـــة ونظـــم الاتصـــالات والمعلومات التـــي تحتويها.
أما أهم تعريف له فهو ذلك الذي يربطه بالحروب الإلكترونية الحاصلة على مستوى العالم، فهو انطلاقاً من ذلك يوصف بأنه المجـــال الجديـــد الخامـــس للحروب الحديثـــة بعد البر والبحر والجـــو والفضاء الحقيقي، وهو يمثل جميع شـــبكات الحاســـب الآلي الموجودة حول العالم، ويشـــمل ذلك الأجهزة الإلكترونية المرتبطة من خلال شـــبكة الألياف البصرية والشـــبكات اللاســـلكية، الفضاء السيبراني ليس الإنترنت فقط وإنما شبكات أخرى كثيرة متصلة.
على هذا النحو فإنه يمكن القول: إن الجرائم السيبرانية هـــي ذلك الســـلوك غيـــر المشـــروع أو المنافـي للأخـــلاق أو غير المســـموح بـــه المرتبـــط بالشـــبكات المعلوماتيـــة العالميـــة.
الهدف منه:
من أهم وأبرز أهداف الأمن السيبراني ضمـــان توافر اســـتمرارية عمل نظم المعلومات، وتعزيز حماية وسرية وخصوصية البيانات الشخصية، واتخـــاذ جميـــع التدابيـــر اللازمـــة لحمايـــة المواطنيـــن والمســـتهلكين على حدٍّ سواء من المخاطر المحتملة في مجالات استخدام الإنترنت المختلفة، وحمايـــة الأنظمـــة التشـــغيلية من أي محـــاولات للولوج بشـــكل غير مسموح به لأهداف غير سليمة، وتعزيـــز حمايـــة أنظمـــة التقنيـــات التشغيلية ومكوناتها من أجهزة وبرمجيـــات، ومـــا تقدمـــه مـــن خدمات، وما تحويه من بيانات.
آلية عمله:
ينتهج الأمن السيبراني الناجح نهجاً معيناً يتكون عادة من طبقات متعددة للحماية تنتشر في أجهزة الكمبيوتر أو الشبكات أو البرامج أو البيانات التي ينوي المرء الحفاظ على سلامتها وفي أي منظمة يجب على المستخدمين والعمليات والتكنولوجيا أن يكملوا بعضهم بعضاً، ويتكاتفوا لإنشاء دفاع فعال من الهجمات السيبرانية، ففي عالمنا المترابط بواسطة الشبكة، يستفيد الجميع من برامج الدفاع السيبراني، فمثلاً على المستوى الفردي يمكن أن يؤدي هجوم الأمن السيبراني إلى سرقة المعلومات الشخصية والصور العائلية ومن ثم القيام بمحاولات الابتزاز.
فؤاد الوادي
التاريخ: الجمعة 28-6-2019
رقم العدد : 17011