بعد يوم شاق من العمل والسعي لتأمين قوت أسرته لم يتمالك المواطن المثقل بأعباء المعيشة نفسه من الغضب حالما دخل إلى إحدى صالات المؤسسة السورية للتجارة ووقعت عينه على أسعار بعض فواكه الصيف المعروضة في الصالة، فبدأ على الفور بالصراخ متسائلاً عن التسعيرة التي وضعت للمواد والتي تزيد قيمتها عن السعر الذي تباع به المواد نفسها في جميع الأسواق بحسب المواطن.
وبعد جدال مع بعض موظفي الصالة الذين نفوا أي مسؤولية لهم عن وضع التسعيرة عرض عليه أحدهم الاتصال بالمسؤول المعني بالأمر (من خلال جواله) لإبلاغ شكواه فما كان من المواطن إلا أن أمسك بالجوال كالغريق المتعلق بقشة وشرع ببث شكواه إلى المسؤول لكن يبدو أن عشم الرجل لم يكن في مكانه وما لبثت علامات الخيبة أن ارتسمت على وجهه الممتقع اللون وهو يقول: أنا مواطن من حقي أن أحصل على المواد بسعر معقول فلا تخاطبني بهذه الطريقة بأن عليَّ أن أشتري من مكان آخر إن لم تعجبني أسعار الصالات الحكومية.
حال المواطن هذا وصرخته هو حال السواد الأعظم من الموظفين الذين باتوا لا يعلمون كيف يمكنهم أن يطعموا أولادهم ويديروا شؤون معيشتهم مع ثبات الأجور والرواتب، والارتفاع الهائل في أسعار السلع والمواد بمختلف أصنافها المترافق دوماً مع ارتفاع سعر صرف الليرة مقابل الدولار الذي لامس سعره حدود الـ 600 ليرة مؤخراً والذين يجهلون سر هذا الترافق ويستنكرونه ما بين مواد تزرع وتصنع محلياً وتباع بسعر عملة أجنبية!. والأنكى من ذلك أن يواجه بردود مخيبة ويلقى معاملة سيئة عندما يفكر أن يطالب بحقه أو يرفع شكواه إلى المسؤول الذي لا يزال يضع ثقته به.
ولم تأتِ هذه الثقة من فراغ فمؤسسات الدولة نجحت بالماضي ورغم الظروف القاسية التي مر بها وطننا في مراحل مختلفة من تاريخه بأن تشكل أداة تدخل إيجابي لمصلحة المواطن وأن تكون ذراعاً أساسية لعمل الحكومة في تأمين المستلزمات الأساسية للمواطن بأسعار مناسبة، ويبقى الأمل معقوداً اليوم بأن تتم إعادة النظر بالآليات التي تعمل بموجبها بعض هذه المؤسسات وتصحيحها بما يضمن الحصول على أسعار تفضيلية تنعكس إيجاباً على المواطن وتحقق الغايات التي وضعتها الحكومة من تلك المؤسسات بالإضافة إلى منع حالات الفساد التي يمكن أن تحدث في غياب آلية قانونية تسمح بذلك.
هنادة سمير
التاريخ: الأربعاء 3-7-2019
رقم العدد : 17015