كيف يمكن للحكومة أن تقرّر منح المؤسسة السورية للتجارة 25% من المستوردات المموّلة من مصرف سورية المركزي، ألا تعلم بأنها -الحكومة- بمثل هكذا قرار ستحدّ من جشع التجار الذين عاثوا فساداً في الأسواق واستغلالاً للمواطن من خلال إحكام قبضتهم على مؤشر الأسعار ورفعه إلى حدود غير معقولة ولا مقبولة!!.
كيف يمكن للمواطن (صاحب الدخل المحدود حصراً) ألّا يتأفف أو يتذمّر، من تجار الجملة ونصف الجملة ومن خلفهم تاجر المفرق والبائع، الذين يريدون أن يخطفوا كل قرش في جيبه، من خلال نسبهم الربحية المخططة والمحددة مسبقاً، والقائمة على المثل الشعبي القائل (ما حدا أحسن من حدا)!! ألا يعلم المواطن أن هناك ثروات يجب أن تُجمع، ومشاريع يجب أن تُنفّذ، وعقاراً ومنقولاً يجب أن يُشترى من جيبه الخاص؟!!
بعد كل هذا وذاك وغيرهما، كيف يمكن لحفنة من التجار والمستوردين ألّا يرتدوا ثوب الحداد ويقفوا على الأطلال للنواح والبكاء، وهم يشاهدون الحكومة تتخذ قرارات ستلجم من خلالها أطماعهم التي نالت من معيشة المواطن الذي جفّ حلقه وريقه وهو يصرخ مطالباً ومناشداً بضرورة التحرّك سريعاً باتجاه لجم «غول» الأسعار الذي نهش الراتب والجيب والمحفظة على حدّ سواء ولم يُبقِ منها شيئاً، ووضع حدّ لممارسات التجار الذين استمرؤوا، وامتهنوا فنّ الرقص على حبال سعر الصرف، وبلع كامل بيضة الأرباح، والفروقات النقدية، والتذبذبات السعرية مع قشرتها التي حولوها بأنفسهم، ولأنفسهم إلى حق مكتسب ومشروع لهم دون غيرهم من خلال تفرّدهم باستغلال (وبجشع كبير) الفرق الكبير بين سعر مصرف سورية المركزي (الرسمي) وسعر السوق السوداء (الوهمي) الذي كان يهطل دفعة واحدة ويصبّ في خزائنهم العامرة بهوامش الأرباح التي لا يعرف رموزها ولا كلمة سرّها إلا أهل الكار ودهاليزهم، وما أكثرها.
عامر ياغي
التاريخ: الاثنين 8-7-2019
الرقم: 17018