صناعاتنا الوطنية القائمة من تحت الرماد، بعد أن تعرّضت إلى ما تعرضت له من سرقة ونهبٍ وتدمير، وبدأت رويداً تستعيد قواها ووجودها، من غير الممكن أن نضعها في إطار المنافسة مع صناعات مماثلة أجنبية مستوردة وكأن شيئاً لم يكن ..
فهي تحتاج أولاً إلى عناية ورعاية، والأخذ بيدها إلى أن تدور عجلة إنتاجها بشكلٍ يتبيّن من خلاله أنها تجاوزت تلك الأوضاع الصعبة التي اجتاحتها عنوةً.
أصوات للكثير من الصناعيين نسمعها في هذه الأيام بأن العديد من المستوردات التي تغزو أسواقنا من هنا وهناك لمنتجات صناعية أجنبية، يوجد منها الكثير من المنتجات الوطنية المماثلة، ويستغربون كيف يمكن لهم أن تستقيم أمورهم ويستطيعوا منافسة المنتجات الأجنبية المشابهة وهم بالكاد لا يزالون يحبون نحو الشفاء من تلك الجراح وآلامها..؟!
إنها أصوات محقّة دون شك، وليس من المعقول أن تخرج صناعتنا الوطنية في هذه المرحلة هكذا بكل بساطة من مثل هذا الحدّ الأدنى من الحماية لها، إلى أن تقوى على الأقل وتصبح قادرة على المنافسة بشكلٍ طبيعي وتعود إلى حيث انتهت بها الأمور بالحد الأدنى إلى ما كانت عليه قبل هذه الحرب الظالمة على سورية.
إن السماح باستيراد مثل هذه المنتجات المنافسة لصناعتنا الوطنية من الصعب فهمه في هذه الظروف، وعلى الأقل يجب أن تكون هناك دراسات واقعية ومعمّقة نعرف من خلالها حجم الإنتاج الذي تنتجه شركاتنا الوطنية من كل سلعة، ودراسة حاجة السوق لاستهلاك هذه السلعة خلال نصف عام أوعام كامل، وإن كان هناك نقص في الإنتاج الوطني عن حاجة السوق فمن الممكن وقتها السماح باستيراد كميات تغطي ذلك النقص فقط، أما أن نترك الأمور هكذا دون أي مراعاة لمنتجاتنا الوطنية فكأننا لم نستفد شيئاً من زيادة أي إنتاج، ولا من دخول شركاتنا الصناعية الوطنية إلى ميدان العمل.. فلا نفع لأي إنتاج إن لم يُسوّق بالنهاية..!
علي محمود جديد
التاريخ: الاثنين 15-7-2019
الرقم: 17024