ندوة…بين فوضى التخطيط وضبابية الرؤيا..المؤسسات الثقافية في دائرة الضـوء

 

دور المثقف والمؤسسات الثقافية في نهضة وتطوير البلاد وهذه العلاقة الشائكة لاتزال تحتل مساحة كبيرة في ندواتنا وعلى منابرنا، في محاولة لوضع النقاط على الحروف ورسم استراتيجية ومنهجية فاعلة تكون الرافعة للثقافة لتأخذ دورها في نشر ثقافة تنطلق من مبادئنا وقيمنا مع الانفتاح على الآخر الذي يشبهنا دون التفريط بهويتنا، بل العمل على تعزيز الانتماء وتكريس التواصل مع إرثنا العريق والانطلاق منه إلى الفضاء الأرحب.

ويتابع فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب فعالياته الأدبية والثقافية للوقوف على أهم الخطوات التي تساهم في تحقيق الأهداف آنفة الذكر، وفي الندوة الأخيرة التي حملت عنوان «المؤسسات الثقافية.. فوضى التخطيط أم ضبابية الرؤية» التي أدارها محمد الحوراني رئيس فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب، حملت عناوين هامة شارك فيها كل من د. ثائر زين الدين مدير عام الهيئة العامة السورية للكتاب، والأرقم الزعبي عضو مكتب تنفيذي في اتحاد الكتاب العرب، والإعلامي ديب علي حسن أمين التحرير للشؤون الثقافية في جريدة الثورة.
التخطيط الثقافي شرط لصناعة ثقافة نهضوية
تنقسم الآراء بحسب د. ثائر زين الدين بين من يرى أنه لاضرورة لوضع تخطيط ثقافي استراتيجي لبلد ما، وبين من ينتصر لوضع خطط محددة وثابتة وواضحة المعالم ويفرض على المؤسسات أن تتقيد بها.

يقول: مابين هذين الرأيين بون شاسع، ولكن سورية ومنذ ستينيات القرن الماضي بدأت ترى أنه من الضروري وجود ملامح عامة لتخطيط استراتيجي ثقافي ينطلق من رؤية القيادة وأفكار حزب البعث العربي الاشتراكي والأحزاب التي تجتمع معه في جبهة واحدة، بحيث تنطلق الخطة الثقافية منها.
وشرح بدوره عمل وزارة الثقافة منذ تسلمه إدارة الهيئة العامة السورية للكتاب التي تضع دائما خطة ثقافية شاملة في مديرياتها كافة بما تعنيه هذه المديريات من وجوه الإبداع والمعرفة «الترجمة، التراث العربي، التأليف، منشورات الطفل والدوريات التي يصل عددها إلى 12 مجلة تقريبا..».
وضمن الخطة الشاملة للإصدارات مثلا هذا العام الخطة تتضمن إصدار 220 كتابا، وحتى هذه اللحظة صدر في هذا العام 64 كتابا، وهناك اهتمام كبيربمنشورات الطفل وبلغ عدد إصداراتها في العام الماضي 95 كتابا، هذا إلى جانب الكتاب الإلكتروني وتوضع خطة لنشره وتحمّل على الموقع، ولايمكن أن ننسى الكتب الناطقة بصوت جميل ولغة سليمة يوضع على قرص مدمج ويقدم بأسعار رمزية.
وأضاف زين الدين أن القفزة النوعية التي حققتها الهيئة العامة السورية للكتاب هي المشروع الوطني للترجمة لنقل ثقافات وعلوم الآخر، وبدأ المشروع في العام 2017 ووضعت له خطة تنفيذية، وتم التواصل مع جهات مختلفة «اتحاد الكتاب العرب، مجمع اللغة العربية، المعهد العالي للترجمة، اتحاد الناشرين العرب..» تشارك هذه الجهات بالترجمة والطباعة ويحمل عنوان المشروع الوطني للترجمة، نحن كوزارة ثقافة نقتني الكتاب بما يمكن هذه الدار من أن تستعيد ثمن الكتاب.
وفي الآن نفسه نستقبل كتبا من خارج الخطة عندما يكون كتابا هاما ويشكل قيمة مضافة.
لاثقافة دون إعلام
وبين الزميل ديب علي حسن أن الإعلام جناح العمل الثقافي، فلا ثقافة بلا إعلام ولا إعلام بلا ثقافة، وبالضرورة يجب ان يكون كل إعلامي مثقفا وليس كل مثقف إعلاميا.
ورأى أن العلاقة ليست كما يرام بين المؤسسات المنتجة للكتاب والعمل في الثقافة إلا الهيئة العامة للكتاب التي تتقن فن التواصل والعمل وتحدث عن محطات في هذا المجال.
ورأى أن العلاقات الشخصية لها دور ما، لكن يجب ألا تطغى على العمل ومن ثم قال: إن بعض المسؤولين الثقافيين يرون الصحفي تابعا لهم، بينما الحقيقة يجب أن تكون العلاقة ندية، ودعا بدوره إلى ضرورة أن يكون الإعلام الثقافي قادرا على صناعة ثقافة ورسم ملامح مشهد ثقافي مع المؤسسات الأخرى وأن نصل إلى القدرة على الفعل لا رد الفعل.
وخلص إلى القول أننا نحن أمام مشهد ثقافي وإعلامي يحتاج إلى عمل دؤوب ومستمر وبذل طاقات مادية ومعنوية للانطلاق، ونحن لم نقصر في الصفحة الثقافية لجريدة الثورة والملحق الثقافي في مواكبة الأنشطة الثقافية والإصدارات الحديثة سواء في دور النشر الخاصة أو المؤسسات الحكومية، والعلاقة شخصية ضمن إطار وطني تحددها العلاقة التفاعلية التي يجب أن تكون علاقة الند للند.
وأضاف: الإعلام هو رافعة الكتاب، ونحن في الصحافة الورقية نبذل قصارى الجهد، ولكن يجب ألا نغفل الإعلام المرئي، الذي لانجد فيه برنامجا يناقش كتابا، ومانتمناه أن يأخذ الإعلام دوره كرافعة للثقافة.
استراتيجية ثقافية
بين الأرقم الزعبي عضو مكتب تنفيذي في اتحاد الكتاب العرب أن التخطيط للثقافة من أصعب أنواع التخطيط لأنه تخطيط يهدف إلى تغيير أنماط التفكير وغرس قيم جديدة وترك عادات وتقاليد لايرى الواقف وراء سياسات الخطة الثقافية وأهدافها مسوغا لها، وإشكاليته تكمن بعدم القدرة التامة على عزل المتغيرات غير المرغوبة، وخصوصا أننا اليوم أمام متغيرات متسارعة تتزامن مع سقوط مفهوم التحصين الثقافي والرسالة الأيديولوجية المغلقة، وتعذر بناء الأسوار حول المجتمع المستهدف ثقافيا.
ولعل الإرهاب هو من أخطر أنواع الثقافات، ويجب أن ندرك أن أي خطة ثقافية يجب أن تصب في خانة التنوير والتشاركية وتشجيع الحوار وتعزيز كل مامن شأنه الحفاظ على الدولة ومكوناتها واحترام حقوق الإنسان ودولة القانون والحريات، دولة علمانية لا دينية، هي خطة لمواجهة الإرهاب.
وساهمت المداخلات بإغناء الندوة، فقد بين د. خلف المفتاح ضروة دعم فروع الاتحاد جميعها لدورها الهام ويجب تفعيل أهداف المؤسسات الثقافية الواردة في نظامها الداخلي، إلى جانب الفصل بين الفكرة والشخص والتعامل مع الأفكار الجيدة، ونقد الثقافة من خلال مدخلاتها وليس مخرجاتها، وأكد أن التغيير يبدأ من مناهج التربية وكيف نزرع حب المعرفة في عقل الطفل.
ويرى د. ابراهيم زعرور أن أي ثقافة تبنى على فكر وطني، ونحن بأمس الحاجة إلى رافعة تذهب بنا إلى الفكر وتحرير العقل.
فاتن أحمد دعبول

التاريخ: الخميس 18-7-2019
رقم العدد : 17027

آخر الأخبار
70 بالمئة من طاقة المصانع معطّلة... والحل بإحياء الإنتاج المحلي  استفزاز إسرائيلي جديد.. زامير يتجول بمناطق محتلة في سوريا الفاتيكان يعلن وفاة البابا فرنسيس حمص.. حملة تعزيز اللقاح الروتيني للأطفال تستهدف ١٤٣١٤ طفلاً الخليفي: قطر ستناقش مع واشنطن تخفيف وإزالة العقوبات عن سوريا 4 آلاف معلم ومعلمة في إدلب يطالبون بعودتهم للعمل تأهيل محطة مياه الصالحية.. وصيانة مجموعات الضخ في البوكمال بدء التقدم للمفاضلة الموحدة لخريجي الكليات الطبية والهندسية "العمران العربي بين التدمير وإعادة الإعمار" في جامعة حمص توظيف الذكاء الاصطناعي التوليدي في التعليم منح دراسية تركية لطلاب الدراسات العليا "التعليم العالي".. "إحياء وتأهيل المباني والمواقع التاريخية" "مياه اللاذقية"... إصلاحات متفرقة بالمدينة "صحة اللاذقية": حملة تعزيز اللقاح تستهدف أكثر من 115 ألف طفل تفعيل عمل عيادة الجراحة في مستشفى درعا الوطني "المستشفى الوطني بحماة".. إطلاق قسم لعلاج الكلى بتكلفة 200 ألف دولار إطلاق حملة تعزيز اللقاح الروتيني للأطفال بالقنيطرة الألغام تواصل حصد الأرواح.. رسالة من وزارة الدفاع للسوريين حول الملف الصعب وطويل الأمد صندوق النقد والبنك الدوليين يبحثان استعادة الدعم لسوريا سفير سوداني: نعارض أيّ شكلٍ من أشكال تهجير الفلسطينيين