يتخلى الشاعر قحطان بيرقدار في مجموعته الجديدة (سراج وغربتان وليل) عن أسلوب السهل الممتنع الذي طبع إصداراته الأخيرة متخذاً هذه المرة درب الحداثة الجديدة وما تتصف به من رمزية وإيحائية وعدم إغلاق المعنى أمام القارئ.
ولدى قراءة قصائد المجموعة سنجد أن هذا التوجه عند بيرقدار ليس جديداً فعمر مجمل القصائد يزيد على عشر سنوات وسوف نتلمس رياح الحداثة منذ القصيدة الأولى «رحلة السقوط» فالمعنى على ما فيه من إسقاطات يحمل معاني جديدة تثير لدى القارئ تساؤلات حيث قال:
يسقط في الجب.. إذ يتوهم ذات مساء رعشة حب
آمن أن الماء هنا وحل.. والنفس غصون يابسة
والأرض هي البركان الرحب
وعندما يزين الشاعر قصائده بشيء من الغنائية فإنه لا يتخلى عن توجهه الحداثوي ليشق دربا ثالثاً ولا سيما عندما يكون النكوص إلى النفس وتأملاتها هو موضوع قصيدته كما في «عبور» التي يقول فيها:
ومن لحظات الأصيل بدأت حياتي
وسرت على وهج الأمنيات
وأرهفت سمعي لصوت خفي
يموت ويحيا.. ولكنني كنت أحيا
وما زلت أحيا
وحتى في القصائد العمودية التي يعتبر بيرقدار أحد روادها المعاصرين نجده يطلق العنان لصور مبتكرة باحثاً عما وراء المعنى رغم تجليات التصوف في أركان القصيدة فيقول في «أين الماء»:
دع عنك هذا فالوضوح شفاء
والصمت وحش والغموض فناء
كن أنت أنت كما ولدت مسربلا
بصراخك الأزلي أين الماء
المجموعة صادرة عن الهيئة العامة السورية للكتاب وتقع في 135 صفحة من القطع المتوسط وهي سادس إصدارات الشاعر بيرقدار الذي حاز على جوائز عدة منها جائزة الدولة التشجيعية 2018.
التاريخ: الاثنين 29-7-2019
الرقم: 17036