لم أخفِ (شماتتي) بالألمان وأنا اقرأ حادثة الطفل الذي وشى بوالده للشرطة، وأبلغها بمخالفتي تجاوز للإشارة الحمراء ارتكبهما الوالد أثناء قيادة السيارة، وقلت في نفسي ألهذه الدرجة بلغ (عقوق الوالدين) في ألمانيا.. هل يعقل أن يعمل الابن (فسفوساً) للشرطة ضد أبيه، فلو أُتيح لهذا الطفل العاق أن يشاهد مسلسل (باب الحارة) بأجزائه العشرة و (أهل الراية) بجزئيه لتكتم على فعلة والده ولو أقدم على تفكيك الإشارة الضوئية نفسها..؟!
مرةً كنتُ أحاول إبطاء السرعة استعداداً للتوقف على الإشارة الحمراء في أحد أحياء دمشق الراقية، ففوجئت بموجة من الاستياء والصراخ والتزمير العالي والشتائم المنفرة تنصبُّ عليّ من الخلف، فانعطفت يميناً لأتبين حقيقة ما يجري، فقال لي أحد السائقين:
ــ أولاً الإشارة قديمة ومعطلة يا فهمان، وتتوقف على الضوء الأحمر أكثر من الضوء الأخضر..!
ــ ثانياً لا يوجد شرطي مرور بالقرب من الإشارة..!
ــ ثالثاً الإشارة تقع أمام تجمع مدارس، والآن عطلة صيفية..!
ــ رابعاً لمعلوماتك هذا الحي لا أحد من سكانه يتوقف على إشارة مرورية..!
ــ خامساً ــ وهذا المهم ــ عليك أن تحمد الله كثيراً لأنه كتبَ لك عمراً جديداً..!
فسألته بدهشة واستغراب:
ــ لماذا بحق السماء فما الذي اقترفته..؟!
فسحب نفساً عميقاً من سيجارته وقال بثقة:
ــ لقد كان السيد أبو المنافخ (تاجر الأزمات) بسيارته الجيب الفاخرة المفيمة ومرافقته يسيرون خلفك مباشرة، وهذا السيد (خص نص) مشغول كثيراً، ومستعجل باستمرار، وعصبي دائماً، وليس لديه فرامل، ولا يطيق الإشارات الضوئية ولا شرطة المرور..!!!
وفهمك كفاية..!!
عبد الحليم سعود
التاريخ: السبت 10-8-2019
الرقم: 17046