كالعادة ومع اقتراب موسم الأعياد يبدأ مسلسل ارتفاع أسعار المواد بعرض مشاهده في أسواقنا المحلية بشكل مضاعف، أما بطل مسلسل هذا العام فهو «وكما درجت عليه العادة في المواسم الثمانية السابقة» ارتفاع سعر الصرف، لا جشع وطمع تجار الأسواق السوداء وغيرها، حيث تم إلصاق تهمة الارتفاعات الجنونية وغير المسبوقة للأسعار به، وترويج لذلك داخل وخارج محالهم والأسواق، مستغلين في ذلك غياب أي حلول تموينية للحد منها وتأمين السلع والمواد الأساسية بأسعار مقبولة.
موجة الأسعار المرتفعة التي تشهدها أسواقنا قبل عيد الأضحى وقبله الفطر رسخت حالة التشكيك والشعور بتجاهل الجهات الرقابية لحل أي أزمة يعانيها المواطن فبعض التجار يتلاعبون بالأسعار كيفما أرادوا طالما لا يوجد من يحاسبهم.
في هذه المرحلة نحن أحوج ما نكون لشيء من الشفافية لأن هناك أموراً تولد أزمة ثقة بين المواطن والمؤسسات المعنية بالقرارات المعيشية والرقابة، والعمل على استعادة الثقة بالقرار الرسمي مع العلم أن كل ما نحتاجه هو مجموعة ضوابط على الأرض ليس إلا.
ورغم كل الاقتراحات والحلول الاقتصادية التي من شأنها التخفيف من حدة ارتفاع الأسعار قبيل الأعياد كاستيراد السلع عن طريق الدولة وبيعها بشكل مباشر بعيدا عن حلقات الوساطة أو على الأقل لتجار التجزئة بسعر التكلفة لإيجاد منافس لتجار الجملة الذين يقومون بتقليص المعروض وبالتالي زيادة الأسعار، إلا أن المشهد العام في أسواقنا يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك عكس ذلك تماما.
المشكلة أننا في كل عام نسمع نفس الكلام من الجهات المعنية ونقرأ أيضا عن أدوار أكثر جدية ومصداقية لمؤسسات التدخل الإيجابي وخاصة السورية للتجارة إلا أن واقع الحال عكس ذلك فالأسعار بتلك المؤسسات مرتفعة ولا تلبي الغرض.
ندرك تماما أن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك مهمتها ليس تخفيض الأسعار وإنما ضبط آلية السوق التي من شأنها فيما بعد الحد من تلك الأسعار ولكن هذا ليس مبررا لتقاعس الجهات الرقابية المتمثلة بمديريات حماية المستهلك.
لذلك نحن بحاجة إلى رقابة حقيقية وتكامل بالأدوار بين الجهات المعنية لضبط الأسعار ومنع التلاعب والغش وتأمين المواد والسلع الأساسية للمواطن بأسعار مناسبة وإقامة أسواق خاصة بالأعياد تلبي وتتناسب ومستوى الدخول الحالية وهذا يتطلب أيضا ثقافة استهلاكية من خلال التوعية للمستهلك وهنا تقع المسؤولية على الجهات الحكومية والأهلية التي غاب دورها خلال فترة الحرب تماماً.
ميساء العلي
التاريخ: السبت 10-8-2019
الرقم: 17046