في أرضِ العطاء، كم يحلو البقاء.. في قلبها، حيث ينبضُ عشقها.. نراقصُ فيها الحياة، يصيرُ الهوى أمنيات.. كانتْ ولازالت فينا، شغفاً أوجعنا فبكينا.. دموع الفقدِ وكمْ ذرفت عيوننا دماً.. على من غادرنا بفراق، أدمى فينا الأحداق.. غادَرَنا ففاح وردك، يا وطني وسأل وجدك: أينهم أحبة روحي، جراحكَ هم وجروحي.
تصمتُ فيجيبُ سؤالنا، بحنجرةِ الغضبِ وصوتنا.. يردُّ بأنهم رحلوا، منكَ إليكَ ومابخلوا.. بأرواحٍ بها افتدوك، سروا فيكَ فأحيوك.. شاؤوا الحياة لأرضك، نبضتْ بكرامةِ عرضك.. بضمائرِ رفعِ الشرفاء، ورجال الحقِّ الشهداء.. هم قدِّيسيكَ وتشهدْ، رغماً عن موتٍ عربد.
هي أرضٌ نزفت ما جفَّت، فيها الدماءُ وارتشفتْ.. خمرُ الألوهة أثملها، والكأسُ نوايا أروعها.. تضمرُ الصحو وتتعتَّق، في قلبٍ بهواها تعلَّق.. يغيبُ فيها ماضيها، ترويه حكايا تحكيها.. تُنطِقهُ يحكي حقيقته، وحقيقتهُ سوريَّتهُ.. ألا لُعنَ من أشهرَ فيها، حقداً أغمده بعينيها.
بهطولِ دمعها أغدقت، على الأمومة أورقتْ.. من ماءِ صبرها قافية، ارتدّت إليها عافية.. سمعتْ صدى الأنين، فسَربلها الحنين.. ليتَ يرتدّ الغائب، تتمنى بوجعٍ لائب.. تصهلُ فيها الأحزان، تتحاكى والأوطان:
أنزفُ فيكِ حياتي، أعيدي قلبي وهاتي.. أبناءَ الأخوة والصحوة، أينهمُّ يا أهل النخوة؟!… أعيدي أجسادٌ هامت، فيكِ شظايا وتماهتْ.. أعيدي دماء أوجدها، رحم الحياة وأودعها.. رهنَ أمانتكِ فتهتِ، فيها.. تاهتْ وعدتِ.. عدتِ بعطرِ أبنائك، ففاحَ منكِ ريحانك.. ضمختِ بهِ هواكِ، انتشيتِ بهم غنَّاكِ.. بحنجرةِ الأوطان، تتكفَّنُ بالأحزان.. تصليهم معانيكِ، تبسملُ باسمهم فيكِ:
سوريَّتي يا الضياء، أنرنا بكِ الفضاء.. عناقاً أتينا إليك، نتوسَّدُ الأرض فيكِ.. اذكرينا دوماً أمَّنا، يا الحبُّ أنتِ ودمّنا.. يا الكرامة الكريمة، لنا وبنا مقيمة.. غادرناكِ لنعود، وجودٌ والوجود.. للشرفِ ولا نرضى ذليلا، فيكِ أو خائنا وعميلا.. لن نرضى بغادر أو حاقد، هو قسمُ الشعب الواحد..
هفاف ميهوب
التاريخ: الاثنين 26-8-2019
الرقم: 17056