مشاهد سوريّة (4)

 

الملحق الثقافي:د. ثائر زين الدين:

مشهد
تتشبَّثُ قبلَ الرحيلِ بحافلةْ الجُندِ:
-أعلمُ أنّك لستَ تعودُ…
فيرفَعُها الأصحابُ إليهِ،
يُقبِّلُها، ويُهدِّئُها:
-لابدَّ لنا أن ندفَعَ هذا الليلَ…
سنرجِعُ، لا تخشي شيئاً،
لن نتركَ هذا الموتَ الغادرَ يسرقُ منّا أحداً.
ويُقبِّلُها، يهمسُ: “سوفَ أعودُ،
وننجبُ بنتينِ بمثلِ جمالكِ،
قد تلدينَ لنا ولداً،
وأُسمِّيهِ على اسمِ أبي،
أو باسمِ أبيكِ فلا فرقَ…”

تُكفكفُ دمعتها الآنَ، وتَسقي التُربَةَ،
تُسندُ وردات الجوريِّ إلى الشاهدةِ البيضاءِ،
وتُطعِمُ طيراً لم يتأخَّر عن موعدها
منذُ ثلاثةِ أعوامٍ،
ينظُر في عينيها فَرحاً،
ويمُدُّ جناحاً – نحو يديها الراجفتينِ-
كما لو كان يداً.
دمشق 28/6/2019

مشهد
إلى أطفال غادرونا:
مهند 8 سنوات
شذى 6 سنوات
محمد10 سنوات
سلمان7 سنوات
جوني 15 سنة

– كنتُ ألعبُ في البهو.
طرتُ كريشةِ عصفورةٍ،
وصحوتُ هنا؛
فوقَ هذا السريرْ!
فتساءلتُ: أينَ أبي؟
أينَ أمّي؟
بكت خالتي وهي تمسحُ وجهي براحتِها.
– جَدَّتي أنزلتنا إلى القبوِ،
أقفلتِ البابَ… راحت تُصلِّي،
وقالت لنا: “فلتُصلّوا معي، جاءَ يومِ الحسابِ،
اقترفنا الذنوبَ… وعمَّ فسادٌ كثيرْ”.
كانَ عُمريَ ستَّ سنينَ،
أخي ما تجاوزَ تسعاً؛
نحاولُ أن نتذكَّرَ ماذا اقترفنا:
أنا كنتُ أخفيتُ عن عينِ أمِّيَ فستانيَ
البرتُقاليَّ… مَزَّقتُهُ حينَ حاولتُ أن أتجاوزَ
سورَ الحديقةِ.
أحمَدُ أسقطَ زهريَّةً، فتناثَرَ بِلَّورُها،
واختفى في السقيفةِ…

– سوفَ أُخَبِّرُكُمْ كيفَ ودَّعتِ الجدَّةُ البيتَ:
نركضُ نحنُ نُلَملِمُ أغراضَنا…
وهيَ تنثُرُ كيساً من القمحِ
فوقَ تُرابِ الحديقةِ: “هذي لطيرِ السماءِ…”.
تُوَزِّعُ ما جَمَّعتهُ من البيضِ
في كُلِّ رُكنٍ: “وهذي لقطَّتنا ولكلبِ الحراسةِ”.
ثُمَّ تُنَفِّضُ فوقَ المساكبِ بذرَ الخُضارِ:
“ستنبتُ… في الأرضِ خيرٌ وفيرْ”.

– تبادَلَ بابا وماما كثيراً من القُبلاتِ؛
فجئتُ أنا… وظننتُ بأنِّيَ لستُ أموتُ…
ولكنني حينَ أُغمضُ عينيَّ أسمَعُ ما يتردَّدُ حوليَ
يبكي أبي حينَ يَسمَعُ شرحَ الطبيبِ.
صديقيَ سامي الذي كان يرسُمُ لي منزلاً،
وعصافيرَ… ماتَ… سأتبَعُهُ…
لستُ أخشى المماتَ؛ تنامُ طويلاً… ولا يُشرقُ الفجرُ،
ثُمَّ تعيشُ- كما قالَ سامي- على كوكبٍ آخرٍ
فيهِ عُشبٌ… طيورٌ… وماءٌ نميرْ.

– تُعَلِّقُ أميَ أيقونةً ثمَّ تجثو على ركبتيها،
يُحدِّقُ فيَّ الجميعُ ولا ينبسونَ
يظنونَ أنيَ أجهلُ… لكنني منذُ شهرٍ
تعلَّمتُ كيفَ أطيرُ…
إذا أظلَمَ الليلُ أفردُ أجنحتي وأُحَلِّقُ،
أسبَحُ وسْطَ ضياءٍ بهيٍّ،
أُجاوزُ جدرانَ مَشفايَ،
لا شيءَ يُرجِعُني غيرُ صوتِ نحيبٍ قريبٍ
وأدعيةٍ…
كان عندي كثيرٌ من الأصدقاءِ:
محمّدُ، يوسفُ، سالمُ، ليلى…
يقولُ محمَّدُ: “سوفَ نموتُ وينسوننا!”.
وتُردِّدُ ليلى:
“إذا متُّ لا تدفنونيَ بينَ القبورِ؛
هنالكَ موتى وغربانُ… بومٌ…
إذا مُتُّ مُدّوا وساديَ في الحقلِ؛
حيثُ الفراشاتُ تلعبُ… حيثُ غناءُ طيورٍ…
وحيثُ العبيرْ.
دمشق 2019

 التاريخ: الثلاثاء3-9-2019

رقم العدد : 963

آخر الأخبار
محافظ إربد يزور المسجد العمري في درعا عودة الحياة إلى القرى السورية المهجورة.. المحلات تفتح أبوابها من جديد محافظ اللاذقية يشيد بالدور الأردني في مكافحة حرائق الغابات  الهلال الأزرق يطلق نداءً عاجلاً.. ثلاثة أرباع السوريين بحاجة للمساعدة والكارثة الإنسانية تتفاقم  تضامن أهالي حلب مع رجال الدفاع المدني المشاركين في إخماد حرائق اللاذقية كيف أصبحت الغابات وقوداً تنتظر شرارة الاشتعال صادرات الخضار والفواكه.. دفعة للاقتصاد رغم تحديات الجفاف والتكاليف.. 531 براداً في أسبوعين إلى الخلي... الرشاوى واستغلال المنصب يطيحان بوزير سابق.. والنيابة تتحرك تقرير جديد للبنك الدولي يسلط الضوء على التحديات الاقتصادية في سوريا وفد أردني يبحث التعاون والتنسيق مع محافظ درعا إخماد حرائق اشتعلت في قرى القدار والفلك والشيخ حسن مبادرات في حماة لدعم معتقلين محررين من سجون النظام المخلوع طلاب الثانوية "التجارية" يواجهون امتحان المحاسبة الخاصة بثقة وقلق عودة النبض التعليمي لقرية نباتة صغير في ريف الباب اتحاد البورصات التركية: سنعمل على دعم إعمار سوريا الجهود تتواصل لإخماد الحرائق ودمشق تطلب مساعدة "الأوروبي" " المركزي" يُصنف القروض تبعاً لفقر أو غنى الفرد ..خبراء لـ"الثورة": القروض تُصنف من حيث الأهداف التن... مبادرة إنسانية لدعم الساحل.. رجل الأعمال خليفة يطلق "نَفَس- حقك بالحياة" ترامب: رفعنا العقوبات عن سوريا لمنحها فرصة بناء الدولة زيارة الرئيس الشرع.. خطوة جديدة نحو تعزيز الشراكة مع الإمارات