«تلك الأيام» مجموعة نصوص وجدانية أفرغت فيها الكاتبة رجاء شعبان ما ينتابها من خواء داخلي تعيشه، لأنها استطاعت على صعيد الذات اختراق أغوار نفسها في مكاشفة واضحة وجريئة. حيث تناولت في مجموعتها كماً كبيراً من الموضوعات المتنوعة بأسلوبية يمكن أن نلتمس منها مانريد,بالتالي تلك الأيام أقرب الى خواطر أو انطباعات سكبت فيها فيض عذوبة أيامها.
تصور لنا الكاتبة في مجمل نصوصها حركة المجتمع وحيويته وتبرز فيه قدرته على المقاومة رغم الأوضاع المعيشية الصعبة حيث أظهرته مجتمعا متماسكا متعالياً على أوجاعه وآلامه ومتسامحا مع بعضه رغم ما اصابه الى ابعد حد، وقادرا على تحويل السكون الى حركة، والأهم من هذا كله أنه ممزوج بإرادة الحياة وتموجاتها. يبدو أن الكاتبة وجدت فضاءها الأرحب في قصيدة النثر التي يستسهلها الكثيرون.. علما أنها تحمل الكاتب مسؤولية مضاعفة.. فهي تتطلب إحداث عامل الدهشة.. الصدمة لدى المتلقي.. وإظهار صفات مثل الألق, الاشعاع, البريق, وإلا تبقى القصيدة في حيز الثرثرة أو كلمات مصفوفة دون إحداث اي لهفة, أو متعة أو اثارة.
في قصيدتها (نزيف الشوق) تقول: (يا حبيبي.. يامن تغتالني في قلبي وتستنزفني اشتياقا قد عريتني من نفسي فلا أغصان ظلت, ولا أوراق تحتلني يا حبيبي وفي سمائي تغيم.. سحبا من حنين تمطر الأحداقا يا حبيبي المرفرف في فضاءات روحي تذكر: أن سجينا بحبك يموت فراقا), نص وجداني قدمته رجاء شعبان برؤية تبسيطية ترى من خلاله عالما انسانيا فيه فضاءات هدوء.. تأمل.. حب واحتراق في ذات المحبوب.
وفي نص (جعبة الكلام) تقول: (انتهى في حبك كل الكلام واستقر في جعبتك آخر الأحلام ونفدت من الشوق إليك أخبار الأقلام وجافاني فيك الرقاد والصحو فلا مت اختناقا ولا خففت حرقتي الأنسام ياحبيبي.. قد أذوب لوعة وافتراقا وقد اتفتح أملا واشتياقا).
هكذا ترى الكاتبة الحياة خالية من عقدها ومللها, ومثل هذا المقطع المليء بالحب الصافي, موجود بكثرة بين طيات المجموعة, فالأماكن التي ذكرتها رجاء في مجموعتها متل البرامكة, دمشق وغيرها حملتها ذكرياتها.. آمالها.. همومها, ثم انتقلت إلى همها الذاتي, وهذا ما فتح أفقا كبيرا للذاكرة بينها وبين المتلقي.
علاء الدين محمد
التاريخ: الاثنين 9-9-2019
الرقم: 17070