«الحروب الهمجية»..وسياســـــة الخطــــــــــاب العنصريــــــة..

في «الحروب الهمجية» يناقش الكاتب والباحث الأمريكي «ستيفن سالايتا» المتخصّص بالكتابة عن الشؤون العربية، قضايا الإرهاب الذي يلصقه الخطاب الإعلامي والسياسي الأميركي بالعرب، وبمنطقٍ لا يعتمد على «المبدأ الأخلاقي» وإنما اليساري-العرقي، الذي جعل العالم يتصوَّر بأن:
«العنف في العالم العربي خارج سياق التطور التاريخي، ومن ثم هو بلا معنى، كما أن العرب بدورهم أصبحوا شعبًا بلا حكايات، ينتمي إلى ثقافة عاجزة عن الإدراك «..
ناقش «سالايتا» ذلك، بعد أن عايش تلك البيئة المليئة بصور نبذ وكراهية العرب، وبعد أن عاصر أحداثاً، وصفَ ردود فعل الشعوب الغربية تجاهها، وتفاعلهم معها، بازدواجية المعايير وأحادية الرؤية والعنصرية.. أيضاً، بعد أن شهد الحروب التي نعيشها وقال عما فيها من همجية:
«حروب هذه الأيام وحشية ومهلكة، وتصل إلى كلِّ مكان. إنها حروب كلامية وعسكرية، سياسية وثقافية، فردية ودولية، محلية وعالمية، لكن يوجد بينها شيء مشترك، هو أنها جميعها حروب همجية..».
إنه مابدأ به كتابه الذي يحتوي على عدة مقالات منها «العنصرية ضد العرب» و»الليبراليون الأمريكيون» و«الإرهابيون المدنيون الجدد» و»الخطاب العنصري-الأميركي-الإسرائيلي» الذي بحث في لا أخلاقيته ووصفها:
«إن لاأخلاقية التدمير الإسرائيلي الوحشي، لم تثر كثيراً من الجدل السياسي أو الأخلاقي، بين هؤلاء الذين يفترض أن يفرّقوا بين الأهداف العسكرية والأهداف المدنية، أو بين الإرهابيين والناس العاديين. المشكلة أن وسائل الإعلام الأمريكية أغفلت مراراً وتكراراً، أيّاً من كلِّ ذلك، محولة العدوان الإسرائيلي، إلى حالة دفاع عن النفس».
أيضاً، وفي مقال «القابل للضياع حتماً»، يتناول أسطورة العرق الأمريكي، ويوجه له رسالة من الأطفال السود، والعراقيين، والهنود الحمر، والمكسيكيين، والفلسطينيين.. رسالة تجعل كلّ هؤلاء ينطلقون من الغرف المظلمة، والمصانع الاستغلالية، والسجون الاستعمارية، ومن ثمَّ يتَّحدون ويخاطبون الليبراليين المهتمين:
«نحن بشر لايريدون أن يكونوا أدوات مساندة في أي أوضاعٍ أخلاقية حقيرة. نحن المهمَّشون، نحن المحرومون. نحن غرباؤكم المعروفون. إننا نحمل تاريخاً صامتاً على كواهلنا. لقد وقعنا في فخِّ التناقض اللفظي الرهيب، وننتظر بلهفة، اليوم الذي يتوقف فيه الضعيف، عن أن يكون قابلاً للضياع.».
يتناول أيضاً، صورة العربي في السينما والثقافة الشعبية الأمريكية، وبشكلٍ سلبي لايمكن تبريره. الصورة التي لا تكتفي بتجسيد العربي كإرهابي ومتعصب ومشبوه، بل وغير قادر على أن يقدم سوى العنف والغباء والخداع.
كلّ هذا وإن دل على شيء، فهو ما دل عليه «سالايتا» ومن حقدِ وتعصّب وعنجهية أميركا التي تسعى لتحويل الانتباه عن سياستها الاستعمارية-الوحشية، وتقوم بالتركيز على ما يُظهر العرب بأبشع الصور الإرهابية-الإسلاموية.. يدلُّ أيضاً، على أن «متعصبو العقيدة السرية» مستمرون في تأليف «كتب مثيرة للاشمئزاز»، وبآراءٍ متعالية وسطحية وعنصرية.
«الشيء الأكثر إثارة للاعتراض فيما يتعلق بمنهجياتهم، هو حقيقة أنهم ينتقون الدليل انتقاءً، ليدعموا فرضية اختزالية متوحشة. الجانب الأكثر إزعاجاً في هذه الفرضية، هو استخدامها لخطابات عقائدية-عنصريةـ تجعل الأداة الفلسفية للإلحاد، ذات حدود مشتركة مع مقومات الدين، الذي تعرضه بتعصبٍ شديد».
نكتفي بما أوردناه عن «الحروب الهمجية»، ونختم بما ختم به الكاتب في نهاية مقالاته التي يمكن اعتبارها سياسية:
«الحروب الثقافية في الأساس، منتج جانبي التطبيق الانتهازي للنفاق. نتيجتها الأولية هي إلغاء الميزات الأساسية للحوار.. آمل أن نتخلص من التعبيرات المبتذلة والمنافقة في تناولها التنوع والتعايش والتسامح».
أخيراً نقول:
«ستيفن سالايتا» باحث أميركي متخصص بالكتابة عن العرب الأميركيين، والسكان الأصليين، ويعمل أستاذاً مساعداً للغة الإنكليزية، بجامعة «فرجينيا» بالولايات المتحدة.
ولد في ولاية «فرجينيا» ولوالدين مهاجرين.. والده أردني، ووالدته فلسطينية. بالإضافة إلى كتاباته الأدبية، له عدة مؤلفات منها: «الخطاب الإنترنتي للمجموعات العربية» و»الأرض المقدسة في انتقال» و «العنصرية ضد العرب في الولايات المتحدة الأميركية».
أثارت مواقفه وكتاباته الكثير من الرفض والجدل، ولاسيما بعد إعلانه عن رفض ما تمارسه إسرائيل في غزة بحقِّ الفلسطينيين.
هفاف ميهوب

التاريخ: الأربعاء 11-9-2019
رقم العدد : 17072

 

آخر الأخبار
الأتارب تُجدّد حضورها في ذاكرة التحرير  الثالثة عشرة وزير الطوارئ يبحث مع وزير الخارجية البريطاني سبل مكافحة حرائق الغابات تحية لأبطال خطوط النار.. رجال الإطفاء يصنعون المعجزات في مواجهة حرائق اللاذقية غابات الساحل تحترق... نار تلتهم الشجر والحجر والدفاع المدني يبذل جهوداً كبيرة "نَفَس" تنطلق من تحت الرماد.. استجابة عاجلة لحرائق الساحل السوري أردوغان: وحدة سوريا أولوية لتركيا.. ورفع العقوبات يفتح أبواب التنمية والتعاون مفتي لبنان في دمشق.. انفتاح يؤسس لعلاقة جديدة بين بيروت ودمشق بريطانيا تُطلق مرحلة جديدة في العلاقات مع دمشق وتعلن عن دعم إنساني إضافي معلمو إدلب يحتجون و" التربية"  تطمئن وتؤكد استمرار صرف رواتبهم بالدولار دخل ونفقات الأسرة بمسح وطني شامل  حركة نشطة يشهدها مركز حدود نصيب زراعة الموز في طرطوس بين التحديات ومنافسة المستورد... فهل تستمر؟ النحاس لـ"الثورة": الهوية البصرية تعكس تطلعات السوريين برسم وطن الحرية  الجفاف والاحتلال الإسرائيلي يهددان الزراعة في جنوب سوريا أطفال مشردون ومدمنون وحوامل.. ظواهر صادمة في الشارع تهدّد أطفال سوريا صيانة عدد من آبار المياه بالقنيطرة  تركيا تشارك في إخماد حرائق ريف اللاذقية بطائرات وآليات   حفريات خطرة في مداخل سوق هال طفس  عون ينفي عبور مجموعات مسلّحة من سوريا ويؤكد التنسيق مع دمشق  طلاب التاسع يخوضون امتحان اللغة الفرنسية دون تعقيد أو غموض