الشرق الأوسط.. بين دخان النفط وقواعد اللعبة

 

ما ان تلقت وسائل الإعلام الغربية نبأ هجوم طائرات مسيرة على منشأتي معالجة النفط الخام التابعة لشركة آرامكو السعودية حتى انبرت لنشر هذا الخبر مرارا وتكرارا معتبرة هذا الحدث بمثابة «تغير في قواعد اللعبة» وخاصة في ضوء الاعتقاد بأن تلك الطائرات قد أطلقت من اليمن. لكن السؤال الذي يطرأ في أذهاننا هل حقا أفضى هذا الهجوم إلى تغيير في قواعد اللعبة؟ بتقديرنا نرى أنه أحدث تغييرا بقواعد اللعبة في بعض المجالات لكونه أربك حركة النفط العالمية وزاد من احتمال نشوب نزاع مسلح في منطقة الشرق الأوسط، بيد أنه يجب ألا نغفل عن المفارقة الوقحة في هذا الادعاء.
يخوض أنصار الله في اليمن حربا مفتوحة ضد السعودية منذ سنوات عدة، إذ عمدت القوات السعودية إلى استخدام الأسلحة الأميركية والبريطانية في إحداث تدمير ممنهج لكامل البلاد وذلك بقصف الأهداف المدنية على نحو عشوائي، وقد قاد التدخل السعودي إلى أسوء كارثة إنسانية شهدها القرن الحالي جراء وفاة عشرات الالاف من الأطفال. وكما كان الحال في سورية وليبيا فمن الواضح بأن تدمير بلاد برمتها لم يغير في اللعبة لكنه غير في جزء من اللعبة الجيوسياسية.
وحتى لو شجبت وسائل الإعلام هذا التصرف الذي قام به اليمنيون، فهل من المسوغ أن نصاب بالدهشة والاستغراب من أي قصف مضاد بأي طريقة أو أسلوب يقوم به الشعب اليمني بعدما شهدنا ما يُمارس بحقه من حصار وما يعتريه من يأس؟ وهل يمكن أن نعتبر هذا الهجوم ذروة ما يمكن اتباعه في الرد؟ وفي مختلف الأحوال يمكن أن نعده السبيل لضرب السعودية حيث يؤلمها. لكن، كما يقول الشاعر والكاتب الألماني بريتولت بريشت «هل تقارن سرقة بنك بتأسيس بنك جديد»، فهل تقارن عملية تدمير بلاد باضطراب طفيف بانتاج رأس المال العالمي؟
وفي حين تسلط وسائل الإعلام الأضواء على الهجوم الذي ترى أنه تغيير في «قواعد اللعبة» نجدها تعمل على صرف أنظارنا عن مشاريع تغيير قواعد اللعبة الحقيقية على غرار الخطة الإسرائيلية لضم مساحات خصبة كبيرة من الضفة الغربية، فما الجدوى من المحادثات والمفاوضات الرامية للتوصل إلى حل الدولتين ولاسيما أن هذه المحادثات الفارغة المضمون لن تقود إلا إلى حقيقة مُرة يجري التعتيم عليها بهدف إتمام المشروع الاستيطاني الجديد الذي ينتظر فلسطينيي الضفة الغربية في المرحلة القادمة؟ كما يجب ألا نغفل بأن ما تقوم به إسرائيل يترافق بصمت سعودي الأمر الذي يمثل دليلا قاطعا على أن محورا جديدا للشر ينشأ في الشرق الأوسط قوامه السعودية وإسرائيل ومصر والإمارات. وفي ضوء هذا الواقع، أليس بمقدورنا أن نقول بأن قواعد اللعبة قد تغيرت حقا؟
في هذا السياق، نرى أنه في الحين الذي يقوم فيه الغرب بدق طبول الحرب بذريعة ما سببته الطائرات المسيرة من أذى للاقتصاد العالمي لا يحرك ساكنا في خرق إسرائيل المتعمد للقرارات الدولية، ولا يكترث بما تفعله من ضم غير مشروع للاراضي الفلسطينية، وما تعده بالتنسيق مع الولايات المتحدة لجعل ما يسمى بـ»صفقة القرن» أمرا واقعا وعلى الجميع القبول به، ولا ريب أن دولا عربية على غرار المملكة السعودية والإمارات العربية المتحدة ستعمد إلى الالتزام بتلك الصفقة لكسب ود الولايات المتحدة ومن يدور في فلكها. في مختلف الأحوال، يجب على المرء التمييز بين النزاعات التي تشكل جزءا من اللعبة والقائمين على تغيير اللعبة في الشرق الأوسط لتحقيق أهداف معينة.
ترجمة وإعداد: ليندا سكوتي

 

التاريخ: الثلاثاء 24-9-2019
رقم العدد : 17082

 

آخر الأخبار
إنزال أول كابل بحري دولي يربط سوريا  بالعالم  سوريا تعزز موقعها الاستثماري في "مبادرة مستقبل الاستثمار 2025" بالرياض   الدواء السوري يعود إلى الواجهة   دعم منظومة مياه الشرب في بصرى الشام بدرعا   مسؤول أممي: إعمار سوريا ضرورة لاستقرار المنطقة الذهب والمعادن الثمينة.. فرصة لتعميق التعاون بين سوريا وأذربيجان أول سفير تركي في دمشق منذ 2012 ..ترسيخ للعلاقات والتعاون الاستراتيجي بمشاركة 50 صناعياً.. انطلاق معرض خان الحرير للألبسة الرجالية في حلب بحث تعزيز التعاون بين جامعة حلب ومنظمة "إيكاردا" و "السورية للبريد" هاكان فيدان يعيّن نُوح يلماز سفيراً لتركيا في سوريا "المؤتمر الطبي الأوروبي العربي الأول".. شراكة للعلم والحياة قطر وباكستان تجددان دعمهما لوحدة وسيادة سوريا الأمم المتحدة: 300 ألف لاجئ سوري عادوا من لبنان إلى وطنهم منذ مطلع 2025 وزير التعليم العالي: سوريا تنهض بالعلم من جديد وتستعيد مكانتها الطبية في العالم مايك بومبيو: أحمد الشرع هو “الرهان الأفضل” لمستقبل سوريا والمنطقة مئة يوم على اختفاء "حمزة العمارين" في السويداء ومطالب حقوقية بكشف مصيره أسعار المدافىء في حلب تحول بين المواطن ودفئها.. والغلَبة للبرد..!   وفد إعلامي سوري يختتم زيارة إلى قطر لتعزيز التعاون الإعلامي بيروت تُعين هنري قسطون سفيراً لها في سوريا قطاع الكهرباء.. فرص واعدة وتحديات قائمة