ثوابت السياسة الأميركية

مع نهاية الحرب العالمية الثانية والإرهاصات الأولى للحرب الباردة كتب السفير الأميركي الأشهر في تلك الحقبة جورج كينان: إن الشعب الأميركي يمثل ٦،٣ ٪ من سكان العالم لكنه يستهلك ٦٠ ٪ من بتروله ولعل المهمة الأولى للاستراتيجية الأميركية تقتضي المحافظة على هذه النسبة مهما كانت ظالمة للآخرين والعمل على فرضها بكل الوسائل دون أن تخدع نفسها بأي أوهام عن مبادئ العدل والمساواة حتى لو اضطرت في سبيل ذلك إلى استعمال السلاح لأن المبادئ تخاطب الضمائر بينما الحقائق تصنع الحياة، وعلى الرغم من أن هذا القول لـ (كينان) مضى عليه حوالي سبعة عقود إلا أنه ما زال يعتمل في مطابخ السياسة الأميركية ويستوطن في العقل السياسي الأميركي ويتجسد ممارسة على أرض الواقع وهنا تستحضر الذاكرة ما جاء على لسان دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأميركي في حكومة بوش الابن عند الاستعدادات للحرب على العراق وغزوه حيث جوبه ابتداء بموقف فرنسي – ألماني رافض لفكرة الغزو لغياب المبررات الموضوعية والقانونية والأخلاقية حيث قال : إن أوروبا قارة عجوز أرهقها الزمن الذي تسمي فيه عجزها حكمة،وأقعدها التردد الذي تسمي فيه استسلامها فكراً وعليه فإنه يحق للولايات المتحدة الأميركية أن تتصرف وتترك أوروبا تمارس الحكمة والفكر كما يحلو لها.
وعلى هاتين القاعدتين بنى المحافظون الجدد وما زالوا بوصفهم الحكومة العميقة في الولايات المتحدة الأميركية استراتيجية هيمنة مديدة ترتكز إلى العناصر التالية:
١- إن الحزب الجمهوري لا بد أن يمسك بموقع الرئاسة لأنه المهيأ لمهام الزمن الحاضر والقادم.
٢- إن على الرئاسة الأميركية القادمة أن تدرك بعمق أن أميركا في وضع فريد لم يتح لأي قوة غيرها في التاريخ.
٣- إن الولايات المتحدة الأميركية استطاعت أن تمسك منذ عهد الرئيس رونالد ريغان باللحظة التاريخية وعليها راهناً الإمساك بتلك اللحظة لجهة إمكاناتها الاقتصادية الضخمة وقدراتها العسكرية الهائلة وتحكمها بسوق المال العالمي وما يوفره لها ذلك من نفوذ سياسيي على مستوى العالم.
٤- على الإدارات الأميركية المتعاقبة أن تمارس دورها في الدفاع عن المصالح العليا للولايات المتحدة الأميركية وأن توصف تلك المصالح وهي مطالبة بالعمل على مسؤوليتها سواء أكان ذلك داخل الأمم المتحدة أم خارجها.
٥- الولايات المتحدة الأميركية في ممارستها لمسؤولياتها لها أن تتشاور مع غيرها من الأطراف الدولية على أن تحتفظ لنفسها بحق التصرف منفردة إن وجدت ذلك ضرورياً.
٦- التصدي لخطر الإرهاب هو النداء الذي يمكن حشد القوى الكبرى والصغرى عليه
إن ما تمت الإشارة والإضاءة عليه هو محاولة لاكتشاف عناصر بناء السياسة الأميركية التي تستند إلى مبادئ ثابتة تعكس فكرة المغامرة والتمدد تحت عنوان المصالح العليا ومقولة الأمن القومي الأميركي والحرب على الإرهاب ونشر الديمقراطية وتمكين المرأة عبر الاشتغال على معطيين ثابتين في الخطاب السياسي الأميركي أولهما: تشجيع الطمأنينة الفردية وصرفها عن شواغلها وثانيهما الإثارة لتأجيج مشاعر الخوف الجماعي وبالتالي العزف على أحد وترين هما (بيع الحلم أو توزيع الخوف) وهنا يبرز الحلم تجارة داخلية من خلال الحديث عن الانتعاش الاقتصادي والضمان الصحي والتربوي أما الخوف فهو التجارة الخارجية حيث الحديث عن خطر الإرهاب وتهديد الأمن القومي الأميركي والحفاظ على حرية نقل وانتقال الطاقة وانسياب السلع وهذا ما اشتغلت عليه الإدارات الأميركية منذ بوش وحتى الآن اعتماداً على معطى القوة العسكرية وسطوة الدولار الأميركي وعكسته سياسات الحروب الاستباقية والوقائية والفوضى الخلاقة التي دفع العرب ثمنها الباهظ وما زالوا وهنا يصبح دونالد ترامب النموذج الأكثر فجاجة وتمثلاً وتمثيلاً لها.

خلف علي المفتاح
التاريخ: الاثنين 14-10-2019
الرقم: 17097

آخر الأخبار
دول عربية وأجنبية تدين التفجير الإرهابي بدمشق: هدفه زرع الفتنة وزعزعة الاستقرار الرسوم العجمية بأياد سورية ماهرة  سوريا: الهجوم الإرهابي بحق كنيسة مار الياس محاولة يائسة لضرب التعايش الوطني محامو درعا يستنكرون العملية الإجرامية بحق كنسية مار إلياس بريد حلب يطلق خدمة "شام كاش" لتخفيف العبء عن المواطنين حلاق لـ"الثورة": زيادة الرواتب إيجابية على مفاصل الاقتصاد   تفعيل قنوات التواصل والتنسيق مع الدول المستضيفة للاجئين  ضحايا بهجوم إرهابي استهدف كنيسة مار إلياس في الدويلعة تفجير إرهابي يستهدف كنيسة مار إلياس في دمشق ويخلّف أكثر من 20 ضحية "مطرقة منتصف الليل"... حين قررت واشنطن إسقاط سقف النووي الإيراني زيادة الرواتب بنسبة 200 بالمئة.. توقيت استثنائي تحسن القدرة الشرائية وتحد من البطالة   خبير اقتصادي لـ " الثورة":  الانتعاش الاقتصادي يسير في طريقه الصحيح  يعيد الألق لصناعتها.. "حلب تنهض"… مرحلة جديدة من النهوض الصناعي زيادة الرواتب 200%.. خطوة تعزز العدالة الاجتماعية وتحفز الاقتصاد الوطني  تأهيل المكتبة الوقفية في حلب بورشة عمل بإسطنبول الشيباني وفيدان يؤكدان أهمية مواصلة التنسيق الثنائي   غلاء أجور النقل هاجس يؤرق الجميع.. 50 بالمئة من طلاب جامعة حمص أوقفوا تسجيلهم تأثيرات محتملة جراء الأحداث على الاقتصادات والتجارة منع ارتداء اللثام لقوى الأمن الداخلي بحمص    "يا دهب مين يشتريك "؟ الركود يسيطر وتجار صاغة اللاذقية يشكون حالهم