أكثر من مئة عام على خروج المحتل العثماني من الوطن العربي، بعد أن أحاله خلال أربعة قرون إلى ركام وحطام أمة ودول، وعمل لتتريكه ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، لم يكن طرده أمراً سهلاً بل بالدم والتضحيات واليقظة الفكرية التي كانت بلاد الشام بؤرتها وانطلاقتها، وحين أعدم أبطال السادس من أيار، كانت صيحة الزهاوي: بني يعرب لا تأمنوا الترك بعدها، إن الذئاب تصول.
واليوم بعد مرور قرن ونيف، تبقى المقولة خالدة كأنها اليوم وليس من زمن طويل، مرت وقائع وأحداث وها هو العثماني الطامع بكل شيء يكشِّر من جديد عن أنيابه، يجدد أدواته، ويمضي محاولاً أن ينفذ إلى داخل الوطن العربي، وكما الاستعمار العربي كان استيطانياً، احتلالياً، يعمل النظام الأردوغاني على تقليده والمضي في خططه المكشوفة، لم يترك وسيلة إلا واستعملها من التستر وراء الدين، إلى الدفاع عما أسماه حدوده، بينما ينتهك هو القيم والحدود، ولا يتورع عن قصف المدنيين الأبرياء، ويعقد الصفقات مع القوى المتآمرة على المنطقة، وبعد ذلك كله يخرج أردوغان للتبجح بما لا يقبله عقل أو منطق، فمتى كان يحارب الإرهاب، أو يعمل ضده، وما يجري على الأرض من تدبيره وتخطيطه وتنفيذ أدواته، المشهد واضح جلي، ولا شيء يخفى أبداً، لكن النهايات محتومة تماماً، فلا يمكن له وللقوى التي تدعمه، والأدوات التي يديرها هو أن تحقق ما تريد، الذئاب تصول وتصول، ولكنها ستلقى حتفها وتطرد إلى غير رجعة.
ديب علي حسن
التاريخ: الأحد 20-10-2019
الرقم: 17102