ربما تأخذنا الدروب إلى أماكن لم نعهدها أو إلى عالم لم نألفه وأناس غرباء لاندرك خبايا نفوسهم، وبالطبع ماأقوله ليس مقدمة لقصة قصيرة أو مطلع لرواية بل هي الأحداث والظروف التي ورغم ادعائنا بأننا نمتلك زمام حياتنا ونستطيع التحكم بمجرياتها، إلا أنها تجبرنا على أمور كثيرة لم تكن مدرجة في أجندة حياتنا.
ورغم أننا نعيش أفراح انتصاراتنا التي تتوالى في غير ميدان، فإننا وعلى المقلب الآخر نجد الكثير من الناس وقد نالت منها الحرب مانالت، وأفقدتها سبل العيش الكريم وذهبت بها إلى مجاهل لاتحمد عقباها، والكثير منهم باتت الشكوى والتململ ديدنهم وكأن الصبر يخون دوره ويتسرب من بين الأصابع.
ورغم أن الكثير لايزال يحصد نتائج الحرب اللعينة التي طالت بلادنا، فإن العمل يقوم على قدم وساق وعلى الجبهات كافة، والأنشطة الثقافية تضيء المنابر سواء على صعيد الندوات والمعارض والسينما والمسرح والمهرجانات وليس آخرها مهرجان «تحت سماء دمشق» الذي سينطلق قريبا ويضيء معالم دمشق العريقة «خان أسعد باشا، قصر العظم، المتحف الوطني..» والكثير من الأماكن التي ستحتفي بالتراث السوري بألوانه كافة.
فنحن أبناء الحياة وتليق بنا الحياة، ومانشهده من حراك اقتصادي واجتماعي وثقافي وفني يشي بأن القادمات من الأيام تحمل بين جنباتها الكثير من الفرح والإنجازات الهامة، وخصوصا أننا نعي معنى أن تدور الدوائر على الباغي، والشواهد دامغة عن هزائمهم المتوالية بينما قافلتنا المحملة بالأمل تسير على خطى الإعمار والبناء.
فإن كانت دروبنا متعرجة فلا يمكن أن تستقيم إلا بنشر المعرفة والعلم وجعل الثقافة عنوانا للحظاتنا الهاربة، ولايقتصر هذا الدور على جهة واحدة بل الجميع معني بإعادة الألق إلى بلادنا، ولايمكن لشعب يحمل من القيم الهامة إلا والنصر حليفه.
فتحت سماء الوطن ننثر بذور المحبة بعيدا عن العداوات التي باتت تفسد للود قضية، وتلك الفضاءات التي تفتح ذراعيها لاحتضان أبنائنا وخصوصا الأطفال والشباب، حري بنا أن نخصص مساحات واسعة عبرالفنون كافة لتسليط الضوء على قضاياهم وهمومهم وطموحاتهم على دروب الحياة تزهر بالمستقبل الواعد.
فاتن دعبول
التاريخ: الثلاثاء 29- 10-2019
رقم العدد : 17109