أيعودُ رنينُ النحاس ..؟

كانت الطّرَقات على النحاس تصل بإيقاع رنينها الجميل إلى مطارق آذاننا ونحن في ساحة المرجة، تنبعثُ من سوق النحّاسين القابع إلى الشرق من قلب دمشق (المرجة) غير أنّ هذا الرنين الطيب راح يبهتُ شيئاً فشيئاً، وكأنه يعلن حزنه على ما يجري في هذه البلاد، واليوم لم يعُدْ يُسمع إلاّ إن اقتربنا إلى جوار ذلك السوق في الجهة الشمالية لشارع الملك فيصل، هناك فقط وعلى مدخله نسمع ذاك الرنين الذي كاد أن يتلاشى ويلوذ بالصمت..!
هذه الحال هي حال الكثير من الصناعات اليدوية الدمشقية العريقة التي باتت مهدّدة بالاندثار، حيث تتراجع هذه الصناعات سنة وراء سنة وتتقلّص نتيجة تناقص عدد المهنيين المهرة، فلم يعد هناك إلاّ القلة القليلة الذين يستمرون بصناعة المنسوجات اليدوية، والموزاييك والزجاج المعشّق وكذلك الأمر بالنسبة للنحاسيات اليدوية، إذ لم يتبقّ من نحو /400/ ورشة كانت تملأ سوق النحاسين سوى أربع ورشٍ فقط، وللنحاسيات الدمشقية تاريخ مديد يصل إلى نحو /800/ عام وقد استطاع الدمشقيون تطويرها بالزخرفة والنقوش الفنية الرائعة وزيادة أنواع الأواني والتحف المصنوعة منها، فهي حرفة يدوية دقيقة تحتاج إلى المزيد من الصبر ودقة الملاحظة، حيث يتفرّع عنها الحفر أو النقش والتجويف وتنزيل الفضة والذهب، ثم الكبس فالتخريق، وتعتمد بشكل كبير على الخط والرسم الزخرفي، حتى صارت من أجمل ما زينت به القصور الدمشقية التاريخية العريقة والكنائس والمساجد، من ثريات وفوانيس نحاسية.
أمام هذا الواقع المر لهذه الصناعات اليدوية، الذي يضعنا في مخاوف احتمال فقدانها وخسارة عراقتها وجماليتها، شعرنا بشيء من الأمل بتطويق وضعها وإعادة إحيائها عبر القرارات المتخذة بالأمس في مجلس الوزراء عندما جرى اتخاذ جملة من القرارات التحفيزية المشجعة للنهوض بالقطاع الحرفي وزيادة إنتاجه ورعايته تشريعياً ولوجستياً، ليكون شريكاً حقيقياً في تحفيز الإنتاج المحلي وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تشكل عصب الاقتصاد السوري، وما يعطي للنفوس أملاً أكبر بانتعاش هذه الحرف، هو تلاقي هذا المفهوم الذي سمعناه في مجلس الوزراء، مع ما قاله السيد الرئيس بشار الأسد في حواره الأخير مع القناتين السوريتين، عندما ربط تحريك دورة الاقتصاد بأدواتٍ أخرى تخفف من الاعتماد على الدولار كالصناعات الصغيرة والمتوسطة، فإن كانت الحرف تُمثّل شكل هذه الصناعات فإن الحرف الدمشقية العريقة هي روحها.. ونبقى على أمل بأن يعود رنين النحاس.

علي محمود جديد
التاريخ: الاثنين 4-11-2019
الرقم: 17114

آخر الأخبار
تقرير مدلس.. سوريا تنفي اعتزامها تسليم مقاتلين "إيغور" إلى الصين محافظ السويداء يؤكد أنه لا صحة للشائعات المثيرة لقلق الأهالي  بدورته التاسعة عشرة.. سوريا تشارك في معرض دبي للطيران أحداث الساحل والسويداء أمام القضاء.. المحاكمات العلنية ترسم ملامح العدالة السورية الجديدة وزمن القمع... الاقتصاد في مواجهة "اختبار حقيقي" سوريا وقطر.. شراكة جديدة في مكافحة الفساد وبناء مؤسسات الدولة الرقابة كمدخل للتنمية.. كيف تستفيد دم... إعادة دراسة تعرفة النقل.. فرصة لتخفيف الأعباء أم مجرد وعود؟ منشآت صناعية "تحت الضغط" بعد ارتفاع التكاليف وفد روسي ضخم في دمشق.. قراءة في التحول الاستراتيجي للعلاقات السورية–الروسية وزير الخارجية الشيباني: سوريا لن تكون مصدر تهديد للصين زيارة الشرع إلى المركزي.. تطوير القطاع المصرفي ركيزة للنمو المؤتمر الدولي للعلاج الفيزيائي "نُحرّك الحياة من جديد" بحمص مناقشة أول رسالة ماجستير بكلية الطب البشري بعد التحرير خطة إصلاحية في "تربية درعا" بمشاركة سوريا.. ورشة إقليمية لتعزيز تقدير المخاطر الزلزالية في الجزائر    السعودية تسلّم سوريا أوّل شحنة من المنحة النفطية تحول دبلوماسي كبير.. كيف غيّرت سوريا موقعها بعد عام من التحرير؟ سوريا تشارك في القاهرة بمناقشات عربية لتطوير آليات مكافحة الجرائم الإلكترونية جمعية أمراض الهضم: نقص التجهيزات يعوق تحسين الخدمة الطبية هيئة التخطيط وصندوق السكان.. نحو منظومة بيانات متكاملة