الأحزاب الإسرائيلية وثوابت التعدد

انتهت الانتخابات التي شهدها الكيان الصهيوني خلال الأشهر الماضية إلى نتيجة غير حاسمة لأي من الأحزاب المتنافسة ما يدخلها في دوامة التحالفات القائمة أساساً على قاعدة التعصب للفكرة الصهيونية سواء لجهة الاستيطان أم التغول في سياسة التهويد، ولعل قراءة سريعة للخريطة السياسية في الكيان تقودنا إلى جملة من الحقائق أهمها صعود نجم الأحزاب الدينية والمتطرفة وتراجع ملحوظ للأحزاب التقليدية التي هيمنت على المشهد السياسي طيلة ستة عقود ولعل ظاهرة تعدد الأحزاب وتباين توجهاتها ومنطلقاتها الفكرية ليست كما يعتقد البعض أنها تمظهر للحالة الديمقراطية بقدر ما هي انعكاس حقيقي للتركيبة الديمغرافية والاجتماعية والفكرية المتناقصة للمجتمع الإسرائيلي الذي هو في بنيته تركيب غير متجانس لأسباب موضوعية يأتي في مقدمتها أن (إسرائيل) ليست دولة تشكلت تاريخياً وإنما تجميع انتشار يهودي وليس شتاتاً يعود إلى أرضه المزعومة، وهو بهذا المعنى يتحدر من مجتمعات متباينة ثقافياً واجتماعياً وفكرياص وإثنياً، والدليل على ذلك أن ربع اليهود في فلسطين قد هاجروا من الاتحاد السوفييتي السابق ودول أوروبا الشرقية إضافة إلى حوالي مليون مغربي وأقل من ذلك من الحبشة واليمن والعراق والسؤال هنا ما الجامع والحامل الثقافي والاجتماعي بين من عاش على أرض روسيا وتلقى ثقافتها ودرس تاريخها وبين من عاش في نيويورك أو باريس أو بغداد وأديس أبابا وصنعاء وبغداد وتربّى ونهل من ثقافتها وامتص نسغها الأخلاقي والقيمي وتشكل وفق هوية وطنية لها سمتها وملامحها ولونها.
إن بعض الذين يحاولون إيجاد وسوق تبريرات لتعددية سياسية في الكيان الصهيوني تغيب عن أذهانهم بعض الحقائق الأساسية التي تعكس بنية ذلك التجمع فالتعددية هنا ليست مظهراً ديمقراطياً بقدر ما هي تعددية في الخلفيات الاجتماعية والثقافية لأولئك المهجرين المستوطنين الذين استنبتوا في بيئة لم تستطع صهرهم بشكل كامل ثقافياً واجتماعياً لجهة اختلاف المنبت والهوية فبقي القاسم المشترك بينهم جميعاً هو الحلم الصهيوني المبني على السردية التاريخية (للعذاب اليهودي من السبي البابلي إلى المحرقة النازية وأرض الميعاد) هذه السردية التي شكلت متخيلاً ومخيالاً جماعياً ومخاوف جماعية استثمرتها الحركة الصهيونية لتدفع بمجاميع اليهود إلى فلسطين تجسيداً للنص التوراتي: (لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات).
من خلال ما سبق وحتى لا يعيشن أحد عالم الأوهام في إطار قراءة الخريطة الحزبية والسياسية في الكيان الصهيوني والرهان على أي من الأحزاب التي ستتحالف لتشكيل حكومة إسرائيلية لا بد لنا من الوقوف أمام الحقائق التالية:
١- إن الذي يحكم الكيان الصهيوني ويتحكم به فعلياً ليست الأحزاب السياسية وإنما العقيدة الصهيونية التي ترى في فلسطين أرض اليهود التاريخية وهذه فكرة تستوطن الوعي الجماعي للمستوطنين.
٢- إن الذي يقود تلك الأحزاب هو المؤسسة العسكرية التي تمثل المدرسة التي يتعلم منها القادة الصهاينة مبادئ الصهيونية التوسعية لذلك نجد أن تلك المؤسسة هي منبع ومصدر القيادات التي تعاقبت على الكيان منذ استزراعه وحتى هذا التاريخ.
٣- إن ثمة قواسم مشتركة بين الأحزاب والكتل السياسية الإسرائيلية تتمثل في: الأرض والتوسع والاستيطان والأمن المزعوم والردع ونقاط الخلاف تكمن في التكتيكات السياسية للوصول إلى تلك الأهداف.
والحال: وأمام هذه الحقائق يبقى الرهان في استعادة فلسطين وتحرير ما احتل من أراض عربية على المقاومة المسلحة وأن البندقية المقاتلة هي الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني ولا سبيل لاستعادة ما اغتصب خارج معادلة القوة المستندة إلى وحدة وطنية فلسطينية يؤازرها ويدعمها بالمال والسلاح والرجال فضاء عربي وإسلامي ودولي واسع الطيف.

خلف علي المفتاح
التاريخ: الاثنين 11-11-2019
الرقم: 17119

آخر الأخبار
تقرير مدلس.. سوريا تنفي اعتزامها تسليم مقاتلين "إيغور" إلى الصين محافظ السويداء يؤكد أنه لا صحة للشائعات المثيرة لقلق الأهالي  بدورته التاسعة عشرة.. سوريا تشارك في معرض دبي للطيران أحداث الساحل والسويداء أمام القضاء.. المحاكمات العلنية ترسم ملامح العدالة السورية الجديدة وزمن القمع... الاقتصاد في مواجهة "اختبار حقيقي" سوريا وقطر.. شراكة جديدة في مكافحة الفساد وبناء مؤسسات الدولة الرقابة كمدخل للتنمية.. كيف تستفيد دم... إعادة دراسة تعرفة النقل.. فرصة لتخفيف الأعباء أم مجرد وعود؟ منشآت صناعية "تحت الضغط" بعد ارتفاع التكاليف وفد روسي ضخم في دمشق.. قراءة في التحول الاستراتيجي للعلاقات السورية–الروسية وزير الخارجية الشيباني: سوريا لن تكون مصدر تهديد للصين زيارة الشرع إلى المركزي.. تطوير القطاع المصرفي ركيزة للنمو المؤتمر الدولي للعلاج الفيزيائي "نُحرّك الحياة من جديد" بحمص مناقشة أول رسالة ماجستير بكلية الطب البشري بعد التحرير خطة إصلاحية في "تربية درعا" بمشاركة سوريا.. ورشة إقليمية لتعزيز تقدير المخاطر الزلزالية في الجزائر    السعودية تسلّم سوريا أوّل شحنة من المنحة النفطية تحول دبلوماسي كبير.. كيف غيّرت سوريا موقعها بعد عام من التحرير؟ سوريا تشارك في القاهرة بمناقشات عربية لتطوير آليات مكافحة الجرائم الإلكترونية جمعية أمراض الهضم: نقص التجهيزات يعوق تحسين الخدمة الطبية هيئة التخطيط وصندوق السكان.. نحو منظومة بيانات متكاملة