بومبيو والعقدة الإيرانية!

 يفتح تعليق وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو على الاحتجاجات التي يشهدها العراق ولبنان والتي حمّل طهران مسؤوليتها الباب للسؤال عن السعي الأميركي لإشعال المزيد من الحرائق في المنطقة.
من المعلوم أن أغلبية القوى السياسية في العراق ولبنان أقرت بأحقية مطالب المتظاهرين المعيشية والاقتصادية وإفساح المجال لتحقيقها، وهو بحد ذاته يعد انجازاً للمحتجين بغض النظر عن مدى قبولهم للاستجابة الحكومية أم لا .
الطارئ في موضوع هذه الاحتجاجات هو تحميل بومبيو إيران المسؤولية «عن اندلاعها» حسب قوله في مسعى لاستثمارها في إطار الضغوط الأميركية على إيران لثنيها عن سياستها الرافضة للسياسات الأميركية – الصهيونية العدوانية في المنطقة.
من قرأ تعليق بومبيو على الاحتجاجات في العراق ولبنان ويعرف واقع الاحتلال الأميركي للعراق والفساد الذي نشره فيه ولا يزال، والتدخلات الأميركية في لبنان يجزم أن بومبيو يعاني من مرض «انفصام في الشخصية» ومن المعيب للولايات المتحدة كدولة أن يكون لديها وزير خارجية يستخف بعقول الناس والحقائق الساطعة على هذا النحو المتعالي والعنصري .
لقد كان الأجدر ببومبيو كوزير خارجية لإحدى أقوى دول العالم أن يقول: إن الاحتجاجات في لبنان والعراق تشكل فرصة لواشنطن لتوظيفها في ضغوط بلاده على إيران بحكم تشابك وتنوع واختلاف المصالح لكلا البلدين «الولايات المتحدة وإيران» مع لبنان والعراق، ووجود تباين شعبي في هذا السياق مع الاختلاف الكبير بين النظرة الإيرانية القائمة على حسن الجوار وتبادل المصالح والنظرة الأميركية المسندة للموقف الإسرائيلي من الصراع في المنطقة ومشروع «الفوضى الخلاقة».
لقد فضل وزير الخارجية الأميركي الإساءة للمحتجين من أجل تحقيق أربعة أهداف جوهرية: الأول تحويل هذه الاحتجاجات إلى وقود في الصراع مع إيران، والثاني: منع تحقيق الإصلاحات لأنها ليست ذات أهمية بالنسبة لواشنطن، والثالث: تعميق الانقسام الداخلي في كلا البلدين في الموقف من واشنطن وطهران بما يخدم السياسية الأميركية الهادفة الى إضعاف كل دول المنطقة بمواجهة إسرائيل وخاصة محور المقاومة، والرابع وهو الأخطر هو : تعزيز الشكوك بين من هو مع الاحتجاجات ومن يرفض بعض مظاهرها ومخاطر الصدام المباشر وهو ما تبتغيه واشنطن .
أحد جوانب التأثير الأميركي على الاحتجاجات في لبنان والعراق بدأ يظهر ببعض التصرفات التي تؤدي إلى الفوضى ومظاهر التخريب والتي لا تتسق مع هدف تحقيق الإصلاحات وتحسين الواقع المعيشي والاقتصادي للمواطنين في كلا البلدين.
المسعى الأميركي السافر والمعلن لحرف هذه الاحتجاجات عن مسارها من الطبيعي أن يثير الشكوك لدى المعترضين عليها والمراقبين على المستوى الوطني في العراق ولبنان وخاصة أن القوات الأميركية ما زالت موجودة في العراق وإمكاناتها السياسية الضاغطة فاعلة على أكثر من اتجاه، أما في لبنان فيشكل الاحتلال الإسرائيلي وسعيه لحصار المقاومة وإلغاء وجودها عاملا صريحا لتأكيد التدخل الأميركي.
بالتأكيد تعليق بومبيو لا يعني على الإطلاق أن المحتجين في العراق ولبنان يتم تحريكهم من قبل واشنطن بل إن ما يحركهم هي المطالب التي أعلنوها منذ بداية الاحتجاج، ولكن في ظل الضغوط والتهديدات الأميركية لدفع إيران إلى الرضوخ من غير المستبعد الدور الخفي للاستخبارات الأميركية وخيارات الحرب الناعمة المتاحة لديها وهو ما يجب أن ينتبه إليه المتظاهرون والمسؤولون في الدولتين تفادياً لعواقب لا يمكن تقدير مخاطرها.

أحمد ضوا
التاريخ: الأحد 15-12-2019
الرقم: 17146

آخر الأخبار
الشركة العامة للطرقات تبحث عن شراكات حقيقية داعمة نقص في الكتب المدرسية بدرعا.. وأعباء مادّيّة جديدة على الأهالي اهتمام إعلامي دولي بانتخابات مجلس الشعب السوري إطلاق المؤتمر العلمي الأول لمبادرة "طب الطوارئ السورية" الليرة تتراجع.. والذهب ينخفض حملة "سراقب تستحق" تواصل نشاطها وترحل آلاف الأمتار من الأنقاض مؤسسة الجيولوجيا ترسم "خريطة" لتعزيز الاستثمار المعدني تعاون رقابي مشترك بين دمشق والرباط تراجع الأسطول الروسي في "المتوسط".. انحسار نفوذ أم تغيير في التكتيكات؟ إطلاق الكتاب التفاعلي.. هل يسهم في بناء نظام تعليمي متطور؟  خبز رديء في بعض أفران حلب "الأنصارية الأثرية" في حلب.. منارة لتعليم الأطفال "صناعة حلب" تعزز جسور التعاون مع الجاليات السورية والعربية لبنان: نعمل على معالجة ملف الموقوفين مع سوريا  شهود الزور.. إرث النظام البائد الذي يقوّض جهود العدالة التـرفـع الإداري.. طوق نجاة أم عبء مؤجل؟ سقف السرايا انهار.. وسلامة العمال معلقة بلوائح على الجدران أبطال في الظل في معهد التربية الخاصة لتأهيل المكفوفين لماذا قررت أميركا تزويد أوكرانيا بعيونها الاستخباراتية لضرب عمق روسيا؟ ختام مشروع وبدء مرحلة جديدة.. تعزيز المدارس الآمنة والشاملة في سوريا